للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإبراهيم لم يبرأ من الشمس والقمر والكواكب من جهة كونها مسخرة لمنافع العباد وكونها تسجد لله وتسبحه وكونها من آياته العظيمة بل من جهة كونهاشركاء لله. أما الأوثان ونحوها فتعادى مطلقا. والشمس والقمر والملائكة والكواكب تعادى عبادتها وكونها آلهة معبودة فتبغض من هذه الجهات وتعادى، مع وجوب الإيمان بالملائكة وإذا قيل للنصارى نحن براء من شرككم ومما تعبدون من دون الله. وقد قال تعالى: ﴿قُلْ أتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا ولا نَفْعًا واللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾ [المائدة] هذا بعد قوله: ﴿ما المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ﴾.

فالبراءة من كل معبود سوى الله كالبراءة من كل إله سوى الله، وذلك براءة من الشرك ومن كل ما سوى الله معبودا، وليس هو براءة من المسيح من جهة كونه رسولًا كريما وجيها عند الله، بل براءة مما قيل فيه من الباطل لا من الحق. والمسيح والملائكة وغيرهم يتبرؤن ممن عبدوهم ويعادونهم ولا يوالونهم قال الله تعالى ﴿ويَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أهَؤُلاءِ إيّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ قالُوا سُبْحانَكَ أنْتَ ولِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الجِنَّ أكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾ [سبأ].

وقال تعالى: ﴿ويَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أأنْتُمْ أضْلَلْتُمْ عِبادِي هَؤُلاءِ أمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أوْلِياءَ ولَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وآباءَهُمْ حَتّى نَسُوا الذِّكْرَ وكانُوا قَوْمًا بُورًا﴾ [الفرقان].

وقال تعالى ﴿أفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي﴾ [الكهف: ١٠٢] وقال تعالى ﴿أمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أوْلِياءَ فاللَّهُ هُوَ الوَلِيُّ وهُوَ يُحْيِي المَوْتى وهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الشورى].

<<  <   >  >>