فقد أخبر سبحانه أن هؤلاء يسبونه، وقد كان معاذ بن جبل يقول عن النصارى: لا ترحموهم فقد سبوا الله سبة ما سبه إياها أحد من البشر. وهذا نظير ما ذكره الله تعالى عن المشركين بقوله ﴿وإذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إنْ يَتَّخِذُونَكَ إلَّا هُزُوًا أهَذا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كافِرُونَ﴾ [الأنبياء].
فكانوا ينكرون على محمد ﵇ أن يذكر آلهتهم بما تستحقه وهم يكفرون بذكر الرحمن ولا ينكرون ذلك كما قال تعالى ﴿ولا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام].
وهكذا من فيه شبهه من اليهود والنصارى والمشركين تجده يغلو في بعض المخلوقين من المشايخ والأئمة والأنبياء وغيرهم وإذا ذكروا بما يستحقونه أنكر ذلك ونفر منه وعادى من فعل ذلك وهو وأصحابه يستخفون بعبادة الله وحده وبحقه وبحرماته وشعائره ولا ينكر ذلك. ويحلف أحدهم بالله ويكذب ويحلف بمن يعظمه ويصدق ولا يستجيز الكذب إذا حلف به. وهؤلاء من جنس النصارى والمشركين وكذلك قد يعيبون من نهي عن شركهم كالحج إلى القبور التي يحجون إليها عادة وهم يستخفون بحرمة الحج إلى بيت الله ويجعلون الحج إلى القبور أفضل منه. وقد ينهون عن الحج اعتياضًا إلى القبور ويقولون هذا الحج الأكبر.
ويرون النهي عن الحج إلى قبور الأنبياء والصالحين إخلالا بحقهم ومعاداة لهم ونحو ذلك.
وهم لا يرون الشرك بالله ودعاء غيره واتخاذ عباده من دونه أولياء إخلالا بحقه ومعاداة له.
ومعلوم أن المشركين من أعظم أعداء الله ﷿ قال الله تعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أوْلِياءَ تُلْقُونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ وقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وإيّاكُمْ أنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ