للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن أبي سعيد الخدري "أن رسول الله قام على المنبر فقال: " إنما أخشى عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من بركات الأرض "ثم ذكر زهرة الدنيا فبدأ إحداهما وثنى بالأخرى، فقام رجل فقال: يا رسول الله أو يأتي الخير بالشر؟ فسكت عنه النبي ، قلنا يوحى إليه، وسكت الناس كأن على رؤوسهم الطير" الحديث (١).

فالشاهد من الآثار الثلاثة المتقدمة قولهم "كأن على رؤوسهم الطير" فهذه العبارة هي كناية عن التعظيم الذي كانوا يظهرونه في مجلس الرسول توقيرا وإجلالا له صلوات الله وسلامه عليه، فلم يكن من عادة الصحابة رضوان الله عليهم أن يتجادلوا في مجلس النبي أو يعلوا أصواتهم بنقاش أو حوار بل يعطون لهذا المجلس حقه من التشريف والاحترام وعن بريدة بن الحصيب (٢) ? قال: "كنا إذا قعدنا عند رسول الله لم نرفع رؤوسنا إليه إعظاما له" (٣).

وعن عمرو بن العاص قال: "وما كان أحد أحب إلي من رسول الله ، ولا أجلَّ في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منة إجلالا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد، باب فضل النفقة في سبيل الله. انظر فتح الباري (٦/ ٤٨، ٤٩) (ح ٢٨٤٢).
(٢) بريدة بن الحصيب بن عبد الله الأسلمي، قيل إنه أسلم حين مر به النبي مهاجرا، وقيل: أسلم بعد منصرف النبي من بدر، وفي الصحيحين عنه أنه غزا مع رسول الله ست عشرة غزوة، وأخباره كثيرة ومناقبه مشهورة، مات سنة ثلاث وستين. الإصابة (١/ ١٥٠)
(٣) أخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى، باب توقير العالم والعلم (ص ٣٨١) (ح ٦٥٨)

<<  <   >  >>