للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ إنّهم لمّا سمعوا كلام الأنبياء، أرادوا الجمع بينه، وبين أقوالهم؛ فصاروا يأخذون ألفاظ الأنبياء، فيضعونها على معانيهم، ويسمّون تلك المعاني بتلك الألفاظ المنقولة عن الأنبياء، ثم يتكلّمون ويصفون الكتب بتلك الألفاظ المأخوذة عن الأنبياء؛ فيظنّ من لم يعرف مراد الأنبياء ومرادهم أنّهم عنوا بها ما عنته الأنبياء. وضل بذلك طوائف. وهذا موجود في كلام ابن سينا١، ومن أخذ عنه.

الغزالي ربما حذّر عن مذهب الفلاسفة وأخذ بأقوالهم

وقد ذكر الغزالي ذلك عنهم تعريفاً بمذهبهم، وربّما حذّر عنه٢، ووقع في كلامه طائفة من هذا في الكتب المضنون بها على غير أهلها٣، وفي غير ذلك٤؛ حتى في كتابه الإحياء٥؛ يقول: الملك، والملكوت،


١ انظر: الرسالة العرشية لابن سينا ص ١٢٠. وآراء أهل المدينة الفاضلة للفارابي ص ١١٢. وانظر أيضاً بغية المرتاد لابن تيمية ص ٣٣٢، ٣٤٢.
وقد جعل ابن سينا العقل الفعّال هو جبريل عند المسلمين، وكذا الفارابي يرى أنّ جبريل عقل محض، وجوهر، وليس بمادة. راجع آراء أهل المدينة الفاضلة للفارابي ص ٦١. فجبريل عند ابن سينا، وعند الفارابي، وغيرهما من الفلاسفة هو عقل، يتلقى العلوم من عقل آخر؛ وهي نفس العلوم التي عند الله؛ فالعقل الفعّال يفيض العلوم دون أمر من أحد، وإنّما هذا الفيض هو لجوده وكرمه الذي هو في الأصل صفة لله انتقلت إليه عن طريق العقول.
انظر: آراء أهل المدينة الفاضلة ص ٥٩-٦٠، ٦٨-٧٣. والهداية لابن سينا ص ٤٧٤.
٢ انظر مثلاً تكفيره للفلاسفة في كتابه: تهافت الفلاسفة ص ٢٥٤.
٣ انظر كتابه: المضنون به على غير أهله ص ٣٠٥-٣٠٩.
٤ انظر من كتب الغزالي: مشكاة الأنوار ص ٦٦-٧٤. وتهافت الفلاسفة ص ١٩٢-١٩٤. ومعارج القدس ص ١٥١-١٦٤؛ فإنّه يرى أنّ النبوة لها ثلاث خواصّ، مثل الفلاسفة تماماً.
٥ انظر: إحياء علوم الدين ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>