للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلُ الجنّة أحبّ إليهم من النظر إليه. وسُنّ أن يُدعى بلذة النظر إلى وجهه الكريم. وأهل الجنّة قد تنعّموا من أنواع النّعيم بالمخلوقات بما هو غاية النّعيم، فلمّا كان نظرهم إليه أحبّ إليهم من كلّ أنواع النّعيم، عُلم أنّ لذّة النّظر إليه أعظم عند أهل الجنّة من جميع أنواع اللَّذَّات.

الذين أنكروا محبة الله حزبان الحزب الأول

والجنّةُ فيها ما تشتهي الأنفس، وتلذّ الأعين؛ فما لذّت أعينهم بأعظم من لذّتها بالنظر إليه. واللّذّة تحصل بإدراك المحبوب، فلو لم يكن أحبّ إليهم من كلّ شيء، [ما كان النظر إليه أحبّ إليهم من كلّ شيء] ١، وكانت لذّته أعظم من كلّ لذّة. والله تعالى وعد عباده المؤمنين بالجنّة؛ وهي اسمٌ لدارٍ فيها جميع أنواع اللّذّات المتعلقة بالمخلوق، وبالخالق؛ كما أنّ النّار اسمٌ لدارٍ فيها أنواع الآلام، لكن غلط من ظنّ أنّ التنعيم بالنظر إليه ليس من نعيم أهل الجنّة. وصار هؤلاء حزبين: حزباً أنكروا التنعيم بالنظر إليه؛ وهم المنكرون للمحبّة٢؛ حتى قال أبو المعالي٣ ونحوه ممّن يُنكر محبّته أنّهم إذا رأَوْه لم يلتذوا بنفس النظر، بل يخلق لهم لذّة ببعض المخلوقات مع


١ ما بين المعقوفتين ملحق بهامش ((خ)) .
٢ قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "والمنكرون لرؤيته من الجهميّة والمعتزلة تُنكر هذه اللذة. وقد يُفسّرها من يتأوّل الرؤية - بمزيد العلم - على لذة العلم به؛ كاللذة التي في الدنيا بذكره، لكن تلك أكمل. وهذا قول متصوفة الفلاسفة والنفاة؛ كالفارابي، وأبي حامد، وأمثاله، فإنّ ما في كتبه من الإحياء وغيره من لذة النظر إلى وجهه هو بهذا المعنى". منهاج السنة النبوية ٥٣٩٠. وانظر: درء تعارض العقل والنقل ٧٦٢-٧٨.
٣ الجويني.

<<  <  ج: ص:  >  >>