للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كلّ من الطائفتين شَبَهٌ من إحدى١ الأمتين؛ ففي المنتسبين إلى العلم إذا لم يُوافقوا العلم النبويّ ويعملوا به شَبَهٌ من اليهود٢. وفي أهل العمل إذا لم يُوافقوا العمل الشرعيّ، ويعملوا بعلمٍ شَبَهٌ من النّصَارى٣٤. وصار كثيرٌ من أهل الكلام والرأي يُنكرون جنس محبّة الله، وإرادته؛ [كما صار كثيرٌ من أهل الزهد، والتصوّف يُنكر جنس العلم، والكلام، والنظر. وأولئك الذين أنكروا محبّة الله وإرادته] ٥، بَنَوْا ذلك على أصل لهم للقدريّة المجبرة٦، والنافية؛ وهو: أنّ المحبّة، والإرادة، والرضا، والمشيئة شيءٌ واحدٌ، ولا يتعلّق ذلك إلا بمعدوم؛ وهو إرادة الفاعل أن يفعل ما لم يكن فَعَلَه؛ فاعتقدوا أنّ المحبّة، والإرادة لا تتعلّق إلا بمعدوم. فالموجود لا يُحَبّ، ولا يُراد. والقديم الأزليّ لا يُحَبّ، ولا يُراد. والباقي لا يُحَبّ، ولا يُراد؛ فأنكروا أن يكون الله محبوباً، أو مُراداً٧. وهم لإنكار


١ في ((ط)) ، و ((م)) : أحد. وما أثبت من ((خ)) .
٢ الذين عرفوا الحق، فلم يعملوا به، بل عملوا بخلافه.
٣ الذين لم يعرفوا الحقّ، فعملوا على جهالة.
٤ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "ولهذا كان السلف؛ سفيان بن عيينة وغيره يقولون: إنّ من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود. ومن فسد من عُبّادنا ففيه شبه من النصارى". اقتضاء الصراط المستقيم ١٦٧. وانظر: درء تعارض العقل والنقل ٨٦٩-٧٠. ومجموع الفتاوى ٨١٩٧.
٥ ما بين المعقوفتين ملحق بهامش ((خ)) .
٦ في ((ط)) : للقدرية والمجبرة. وهو خطأ. وما أثبت من ((خ)) ، و ((م)) .
٧ ففسّروا محبّة العبد لربه بأنّها إرادة العبادة له، وإرادة التقرب إليه، ولم يُثبتوا أنّ العبد يُحبّ الله. انظر: قاعدة في المحبة لابن تيمية ص ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>