جاء بالأجر فيما سوى ذلك فقوله عز وجل:{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}. وقوله تعالى:{قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ}. فكان ذلك على المثوبات على الأفعال لا على عقود إجارات كانت قبلها فكان قوله - صلى الله عليه وسلم - لعثمان ما قد ذكرناه عنه في هذا الحديث قد يكون على الأجر الذي يجعل ثوابا، وتنويلا، كما يفعل الناس بمن يفعل الأفعال التي يحمدونه عليها من التأذين في مساجدهم، وعمرانها، واللزوم لها فينيلونهم على ذلك ما ينال أمثالهم ليدوموا على ذلك، وتكون قوة لهم عليه لا بإجارات متقدمات على ذلك فيكون ذلك محمودا من فاعله، ويكون من لا يقبل ذلك من المفعول ذلك بهم لعلمهم بالسبب الذي قصد من أجله بذلك إليهم أفضل من فعله، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان - رضي الله عنه - أن يتخذ مؤذنا أفضل المؤذنين، وأعلاهم رتبة في الثواب على الأذان، وترك التعوض عليه شيئا من الدنيا، والقياس أيضا يمنع من استحقاق الأجر بالإجارات على الأذان، وذلك أنا وجدنا الإجارات يملك بها المستأجر المنافع التي بذل الأجرة عليها للأجير ملكا تبين به منه، وكان الأذان، وما أشبهه من هذه الأشياء غير مقدور على ذلك فيها فكان القياس على ذلك ألا يجوز الإجارات عليها - والله أعلم - وتتبع ذلك عليه أبو الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد بقوله: هذا الذي قاله الطحاوي قياس غير صحيح؛ إذ ليس من شرط صحة الإجارة، وجوازها أن يملك المستأجر منافع الأجير التي استأجره عليها أصل ذلك إجماعهم على جواز الاستئجار على بناء المسجد، والإجارة على الأذان جائزة بظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: من استأجر أجيرا فليؤاجره بأجر معلوم إلى أجل معلوم، ولم يخص أذانا من غيره.