للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ} الآية، وذكر نفر عن ابن عباس، وسعيد بن جبير في هذه الآية أنهما قالا: تقبض أرواح الأموات إذا ماتوا، وأرواح الأحياء إذا ناموا يتعارف ما شاء الله أن يتعارف، فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مُسمى، نفس الآية كما ترى، فقالا بقبض الأرواح، وقد جاءت بلفظ الأنفس، وقال آخرون: النفس غير الروح، واحتجوا بأن النفس مخاطبة منهية مأمورة، واستدلوا بقوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} وقوله: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا} قالوا: والروح لا تخاطب، ولا تؤمر، ولم ينه في شيء من القرآن، وتأولوا قول بلال: أخذ بنفسي، أي أخذ بنفسي من النوم ما أخذ بنفسك في تفسير سنيد، عن ابن جريج في قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ} قال: في جوف الإنسان روح ونفس وبينهما في الجوف مثل شعاع الشمس، فإذا توفى الله تعالى النفس كانت الروح في جوف الإِنسان، فإذا أمسك الله نفسه أخرج الروح من جوفه، وإن لم يمته أرسل نفسه إليه فرجعت إلى مكانها قبل أن يستيقظ، قال ابن جريج: وأخبرت عن ابن عباس نحو هذا الخبر، وقال وهب: إنّ أنفس الآدميين كأنفس الدواب التي تشتهي وتدعو إلى الشر، ومسكن النفس البطن، إلا أن الإنسان فُضِّل بالروح، ومسكنه الدماغ، فإذا انحدر الروح إلى النّفس، والَتقيا نامّ الإنسان، فإذا استيقظ رجع الروح إلى مكانه، ويعتبر ذلك بأنك إذا كنت نائَماً، فاستيقظت، كان كلّ شيء يبدو إلى رأسك، وعن عبد الرحمن بن القاسم صاحب مالك: النفس جسد مجسد كخلق الإنسان، والروح كالماء الجاري واحتج بقوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ} قَال: ألا ترى أنّ النّائم قد توفى الله نفسه وروحه

<<  <  ج: ص:  >  >>