الشيطان الذي كان بذاك الوادي، وهذا من المغيبات التي لا يطلع عليها إلا الأنبياء - عليهم السلام -، وقيل إن الأمر بالارتحال منسوخ بقوله:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} كذا قاله ابن حزم، وهو قول غير صحيح؟ لأن الآية مكيّة فكيف يتجه النسخ بها هنا، والنسخ لا يصح قبل وروده، وتعلَق الحنفيون به على أن الصلاة لا تقضى عند طلوع الشمس، وأجيب بأجوبة أحدها: قوله: فلم يوقظهم إلا حر الشمس، وهذا وقت مسوغ للصلاة إجماعًا.
الثاني: إنما كان ارتحالهم لأجل الشيطان، أو لأجل الغفلة كما أسلفناه كما نهى - عليه السلام - عن الوضوء من بئر ثمود، وكنهيه عن الصلاة بأرض بابل.
الثالث: روى عطاء بن أبي رباح أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ركع ركعتين في معرسه، ثم سار وبنحوه ذكره ذو مخبر فيما أسلفناه، والوقت الجائز فيه صلاة النافلة تجوز فيه الفريضة إجماعًا، وقال ابن حزم: واستشكل بعضهم قوله: فليقض معها مثلها وليصلها من الغد لوقتها، أو فليصلها إذا ذكرها، ومن الغد للوقت، وأنهم قالوا: يا رسول الله، أنقضيها لميقاتها من الغد ونصلي كذا، وكذا صلاة؟ قال: لا. وليس كذلك، بل هو صحيح متفق المعنى، وإنما يشكل من هذه الألفاظ قوله: مثلها، وإذا تؤمل، فلا إشكال فيه؟ لأن الضمير في لغة العرب راجع إلى أقرب مذكور إلا بدليل فالضمير في معها راجع إلى الغداة لا للصلاة، أي: فليقض مع الغداة مثل هذه الصلاة التي يصلي بلا زيادة عليها، أي: فليؤد ما عليه من الصلاة مثل ما يفعل كل يوم، فتتفق الألفاظ كلها على معنى واحد. انتهى، قال ابن عبد البر: قد اختلف العلماء في النفس والروح هل هما شيء واحد، أو شيئان؟ لأنه قد جاء في الحديث: إن الله قبض أرواحنا، وفي حديث سعيد قال بلال: أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك، فقال جماعة من العلماء: هما شيء واحد، ومن حجتهم قوله