للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- إن كان غير مأكول، فيجوز ذلك؛ لأنَّه لا يُذبح، والاستثناء إذن غير وارد هنا.

- إن كان مأكولًا وقصد ذبحه، فهذه هي مسألتنا، وسنتكلم عن جواز الاستثناء فيه من عدمه.

وقد أطال المؤلفُ نَفَسَه في مذهب مالك، والحقيقة أنَّ المسألةَ كما هو معلوم مُلخصها: أنَّ العلماء قالوا: من باع حيوانًا مذبوحًا - يعني مأكولًا - واستثنى منه شيئًا، كأن يقول: أبيعك هذه الشاة بمبلغ كذا وكذا، وأستثني رأسها، أو رجليها، أو ما في بطنها، وقد انقسموا قسمين:

الأول: أجازه مالك (١)، وأحمد (٢)، وقد استدلوا بحديث: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثُنيا إلَّا أن تُعلم، وقالوا: أمَّا هذه فهي معلومة، أليس الرأس معلومًا، واليدان معلومتان، وغير ذلك مما فيه، وإذا استثنى البائع شيئًا معلومًا معروفًا؛ فالبيع جائز.

والثاني: لم يجزه أبو حنيفة (٣)، والشافعي (٤)، وقالوا: لأنَّ هذه الأمور لو أفردت لما جاز بيعها، إذ لا يجوز للإنسان أن يأتي بشاة، فيقول: بعتك رأسها بكذا، أو يدها بكذا، وقاسوا ذلك على بيع الحمل في البطن.

وبهذا نتبيَّن أنَّ العلماء عندما يختلفون؛ سنجد أنَّ لاختلافهم سببًا، وقد يكون عدة أسباب، ونجد أنَّ أسباب اختلافهم مجموعة أدلة، فلهذا


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير، وحاشية الدسوقي" (٣/ ١٨)، حيث قال: "فإن استثنى جزءًا شائعًا فله استثناء ما شاء".
(٢) يُنظر: "الإقناع"؛ للحجاوي (٢/ ٧٠)، حيث قال: "وإن باعه حيوانًا مأكولًا إلَّا رأسه، وجلده، وأطرافه؛ صَحَّ سفرًا وحضرًا".
(٣) يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٥/ ٦٢)، حيث قال: "الحمل لا يجوز إفراده بالبيع، فكذا استثناؤه؛ لأنَّه بمنزلة الأطراف، فصار شرطًا فاسدًا".
(٤) يُنظر: "تحفة المحتاج"؛ للهيتمي (٤/ ٣٠٧)، حيث قال: "ولا يصح بيع الحمل وحده، ولا بيع الحامل دونه، لتعذر استثنائه؛ إذ هو كعضوٍ منها".

<<  <  ج: ص:  >  >>