للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا نظرنا إلى عدد العلماء نجد أنَّ القائلينَ بجواز العربون جماعة من أكابر العلماء، بل أُثر ذلك عن بعض الصحابة، كما رأينا عن عمر، وابنه عبد الله - رضي الله عنهم -.

وبالرجوع إلى دليل المانعين؛ وهو ما رواه مالك في "موطئه" بلاغًا، قال: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده … الحديث، ومن المعلوم أنَّ الإمام مالكًا لم يدرك عمرو بن شعيب، فالسند منقطع، لوجود راوٍ لم يُسم، وقد وردت تسميته في طريق آخر للحديث؛ رواه ابن ماجه، قال: مالك، عن عبد الله بن عامر، عن عمرو بن شعيب، وعبد الله بن عامر متكلم، فهو ضعيف، وفي هذا السند حبيب، كاتب الإمام مالك، وهو ضعيف، وأمَّا الروايات الأخرى للحديث؛ فبعضها جاء فيها ابن لهيعة، وهو معروف بضعفه.

وبناءً على كل ما سبق حكم كثير من العلماء على الحديث بأنَّه منقطع.

وأمَّا ما أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" عن زيد بن أسلم، قالوا: إنَّه مرسل، فقد قال فيه: "سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، زيادة على أنه من رواية إبراهيم بن يحيى؛ وهو ضعيف، وهذا ما أشار إليه المؤلف بقوله: (وَقَالَ أَهْلُ الْحَدِيثِ: ذَلِكَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -).

ولما سئل الإمام أحمد عن ذلك: أفاد بأنَّ الحديث الذي استدل به الجمهور لم يصح عنده، فقيل له: أتأخذ بذلك، قال: وماذا أقول بعد قول عمر، وفعله - رضي الله عنه -، في إشارة إلى قصة دار صفوان بن أمية التي ذكرناها.

فالمسألة مختلف فيها، وللترجيح نقول: إنَّ الأحوط ألَّا يأخذ البائع شيئًا؛ لأنَّ هذا المال أخذ دون مقابل، فالبائع حبس بضاعته، وربما يأتي إنسان ليشتريها بثمن أكبر في تلك الفترة، وربما إذا طالب المشتري باسترجاع ماله يضر ذلك بالبائع، لكن يبقى هذا المبلغ الذي أخذ، إنَّما هو أخذ دون عوض، فمن أخذ العربون، وعمل به؛ فقد أثر ذلك عن

<<  <  ج: ص:  >  >>