للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد المؤلف أن يقول: الاختلاف في هذه المسألة ينقسم إلى أقسام ثلاثة:

١ - بعض العلماء قال: بجواز الأكل من كل جارحٍ سواءٌ كان حيوانًا أو طائرًا، ولم يفرق بين الكلب وغيره إذا توفرت فيه الشروط ومنها التعليم.

٢ - وبعضهم يقول: إن ذلك خاص بالكلب.

٣ - وبعضهم من يضيف إلى الكلب البازي؛ لأنه ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن صيد البازي فقال: "ما أمسك عليكَ فَكُلْ" (١). وجمهور العلماء وقفوا عند ظاهر النص ولم يتجاوزه إلى غيره، وهذا هو الفقه؛ لأن الفقه أصله ومعناه في اللغة العربية هو الفهم والإدراك، فَقِهَ فلان بمعنى فهم، وفي قوله تعالى: {يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨)} [طه: ٢٨] أي: يفْهموا قولي، فجمهور العلماء يرون أن ذلك أعم والواقع يشهد بذلك، وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - أقر الصيد في البازي، إنما هو دليلٌ على ذلك، وعبد الله بن عباس قد فسر قول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} قال: الكلب المُعَلَّم والطير إذا علَّمته والفهود والصقور وغيرها. فهذا قول عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - وهو في ذلك حجة.

* قوله: (فَهَذِهِ هِيَ أَسْبَابُ اتِّفَاقِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ فِي أَنْوَاعِ الْجَوَارحِ، وَأَمَّا الشُّرُوطُ الْمُشْتَرَطَةُ فِي الْجَوَارحِ فَإِنَّ مِنْهَا مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، وَهُوَ التَّعْلِيمُ بِالْجُمْلَةِ).

بالجملة؛ لأنهم ما اختلفوا في التعليم، فكلهم أجمعوا على أن التعليم شرطٌ (٢)، لكنهم اختلفوا في تفصيل ذلك كيف يتِمُّ التعليم؛ ولأن الله سبحانه وتعالى قال: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} هذا


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم الكلام بالتفصيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>