للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِذَكَاةِ الصَّيْدِ، وَقَالَ قَوْمٌ: لَا اصْطِيَادَ بِجَارحٍ مَا عَدَا الْكَلْبَ، لَا بَازٌ (١)، وَلَا صَقْرٌ، وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ، إِلَّا مَا أُدْرِكَتْ ذَكَاتُهُ).

يعني: لا تصيد البزاة وهي جمع باز، ولا كذلك بالصقور، ولا بحيوانات غير ذات الكلاب، لا تأتي مثلًا بفهد أو نمر أو كذلك سنور أو غير ذلك من الحيوانات فتعلمها، ولكن منهم من قال بذلك، فإذا وجدت حيوانًا أو طيرًا فعلمته فتعلم، فذلك مما أباحه الله سبحانه وتعالى؛ لأنه قال: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} والجوارح عامة تشمل الحيوان والطير، وابن عباس - رضي الله عنه - فسرها بذلك، فسرها بالكلاب المعلَّمة والطيور المعلَّمة، وكذلك نص أيضًا على الفهود (٢).

* قوله: (وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ (٣)، وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنَ الطُّيُورِ الْجَارِحَةِ الْبَازِيَّ فَقَطْ فَقَالَ: يَجُوزُ صَيْدُهُ وَحْدَهُ (٤)).

واستثنوا البازي، لأنه ورد فيه نص، لما سُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيده قال: "ما أمسكن عليكَ فَكُلْ" (٥).

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْئَانِ، أَحَدُهُمَا: قِيَاسُ سَائِرِ الْجَوَارحِ عَلَى الْكِلَابِ. وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ أَنَّ النَّصَّ إِنَّمَا


(١) البازي: واحد البزاة التي تصيد. انظر: "الصحاح" للجوهري (٦/ ٢٢٨١).
(٢) تقدَّم قوله.
(٣) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٣٧١)، حيث قال: "وحكي عن ابن عمر، ومجاهد، أنه لا يجوز الصيد إلا بالكلب؛ لقول الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ}. يعني كلبتم من الكلاب".
(٤) يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٣/ ٤٥٢)، حيث قال: "ورخص فيما أكل البازي منه النخعي، وحماد بن أبي سليمان، والثوري".
(٥) أخرجه البخاري (٥٤٧٧)، ومسلم (١٩٢٩) عن عدي بن حاتم - رضي الله عنه -، قال: قلت: يا رسول الله، إنا نرسل الكلاب المعلَّمة؟ قال: "كلْ ما أمسكَنْ عليك " قلت: وإن قَتَلن؟ قال: "وإن قتلن" قلت: وإنا نرمي بالمعراض؟ قال: "كل ما خَزَق، وما أصاب بعرضه فلا تأكل".

<<  <  ج: ص:  >  >>