وغيرها (١)، وهو أيضًا صحيح:"مَن نام عن صلاة أو نسيها فليصلِّها إذا ذكرها، فإنَّه لا كفارة لها إِلَّا ذلك". وهذا حديث صحيح، فلا ينبغي حقيقة أن نوجد معارضة بينه وبين حديث صحيح؛ لأنَّه لا مناسبة هنا.
ذكر المؤلف أولًا الدليل النقلي، وإذا أُطلِقَ الدليل النقلي فإنَّما يُقصَد به أدلة الكتاب والسنة.
والآن يريد أن ينتقل المؤلف إلى الدليل العقلي الذي هو المناقشة: هل الأمر مرتبط بالوقت، أو مرتبط بالفعل؟ أي: أداء الصلوات هل هو مرتبط بوقتها، أو مرتبط بفعلها؟
فإن قلنا بوقتها، فقد خرج الوقت، فلماذا الترتيب؟ على رأي المؤلف.
وإن قلنا: هو مرتبط بفعلها فيلزم الترتيب، ويقيسون ذلك بالنسبة للجمع بين الصلاتين، فمن يجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما؛ فإنَّه يقدِّم الظهر أولًا ثم العصر، ويقدم المغرب أولًا ثم العشاء. إذًا الترتيب أيضًا موجود حتى بين الصلاتين المؤداتين اللتين يجمع بينهما.
ولكن نقول: لا نحتاج إلى مثل هذه المناقشة ولا التعليلات العقلية؛ لأنَّه قد وردت أحاديث عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- رتَّب فيها بين الصلوات المقضية، فينبغي أن نقف عند ذلك؛ لقوله تعالى:{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}[النور: ٥١]، وقوله:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء: ٥٩].
إذًا قول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قد صحَّ في هذه المسألة.
(١) أخرجه أحمد في "المسند" (١١٩٧٢)، عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن نسي صلاة أو نام عنها، فإنما كفارتها أن يصليها إذا ذكرها"، وقال محققوه: "إسناده صحيح على شرط الشيخين".