للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شكَّ أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سينشغل بهم؛ لأن ذلك أمر هام للمسلمين عمومًا؛ لذلك انشغل معهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - فمضى الوقت؛ فلم يصل الركعتين، فلما تذكرهما صلاهما بعد العصر.

وجه الدلالة مما سبق: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قضى الركعتين بعد العصر مما يدلُّ أن السنن الرواتب تُقضَى بعد العصر.

وورد في مثل هذا بعض الأحاديث، منها: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يصلي بعد الفجر فقال: "ما هذا؟ " فقال: هما الركعتان قبل الفجر صليتهما بعده، فلم ينكر عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - (١).

كذلك قصة الرجلين اللذين كانا في مؤخرة القوم؛ فلما صلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه قال: "عَلَيّ بهما"، فجيء بهما ترتعد فرائصهما (٢)؛ فقال: "ما منعكما أن تصليا معنا؟ " فقالا: صلينا في رحالنا، فقال لهما الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صليتما في رحالكما وأتيتما مسجد جماعة فصليا تكن لكما نافلة" (٣)، وسيأتي اختلاف العلماء فيمَن دخل المسجد وقد صلى ووجد الناس يصلون فيصلي معهم (٤)، حتى لا يوقع نفسه بالشبهة؛


(١) أخرجه الترمذي (٤٢٢) وفيه خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأقيمت الصلاة، فصليت معه الصبح، ثم انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجدني أصلي، فقال: "مهلًا يا قيس، أصلاتان معًا"، قلت: يا رسول الله، إني لم أكن ركعت ركعتي الفجر، قال: "فلا إذن ". قال الترمذي: "هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث سعد بن سعيد، وإسناده ليس بمتصل ومحمد بن إبراهيم لم يسمع من قيس"، وقال ابن الجوزي في "التحقيق في مسائل الخلاف" (١/ ٤٥٥): "قلت قال أحمد بن حنبل سعد بن سعيد ضعيف وقال ابن حبان لا يحل الاحتجاج به ".
(٢) "ترعد فرائصهما"، أي: ترجف وتضطرب من الخوف. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٢/ ٢٣٤).
(٣) أخرجه الترمذي (٢١٩)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٥٣٣).
(٤) من دخل المسجد لا يخلو من أمرين: إما أن يكون صلى منفردًا خارج المسجد الذي دخله. وإما أن يكون صلى في جماعة من خارج هذا المسجد. وستأتي هذه المسألة عند قول المصنف: (الفَصْلُ الأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ حُكْمِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ) (المَسْأَلَةُ=

<<  <  ج: ص:  >  >>