للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي «صحيح مسلم» عن المغيرة بن شعبة يرفعه: «سأل موسى ربّه، قال:

يا ربّ، ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: هو رجل يجيء بعد ما أدخل أهل الجنّة الجنّة، فيقال له: ادخل الجنّة، فيقول: يا ربّ، كيف وقد أخذ النّاس منازلهم، وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدّنيا؟ فيقول: رضيت يا ربّ، فيقول: ذلك لك ومثله ومثله ومثله ومثله، فقال في الخامسة: رضيت ربّ، فيقال: هذا لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك ولذّت عينك، فيقول: رضيت ربّ. قال: فأعلاهم منزلة؟ قال: أولئك الّذين أردت، غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها، فلم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر. قال: ومصداقه في كتاب الله: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السّجدة: ١٧]» (١).

الثاني: ملاط الجنة وأنّه المسك الأذفر، وقد تقدّم مثل ذلك في غير حديث والملاط: هو الطّين، ويقال: الطّين الذي يبنى منه البنيان. والأذفر:

الخالص.

ففي «الصحيحين» عن أنس، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: «دخلت الجنّة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك» (٢). والجنابذ: مثل القباب. وقد قيل: إنّه أراد بترابها ما خالطه الماء، وهو طينها، كما في «صحيح البخاري»، عن أنس، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال في الكوثر: «طينه المسك الأذفر» (٣).

وقد قيل في تأويل قوله عزّ وجلّ: {خِتامُهُ مِسْكٌ} [المطفّفين: ٢٦] أنّ المراد بالختام ما يبقى في سفل الشراب من الثّفل، وهذا يدلّ على أنّ أنهارها تجري


(١) أخرجه: مسلم (١٢١، ١/ ١٢٠) (١٨٩)، والترمذي (٣١٩٨).
(٢) أخرجه: البخاري (٤/ ١٦٦) (٣٣٤٢)، ومسلم (١٦٣).
(٣) أخرجه: البخاري (٨/ ١٤٩) (٦٥٨١).

<<  <   >  >>