للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونحو ذلك؛ فليس كلّ حيوان مخلوقا من نطفة. والقرآن دلّ على خلق جميع ما يدبّ وما فيه حياة من ماء، فعلم بذلك أنّ أصل جميعها الماء المطلق؛

ولا ينافي هذا قوله تعالى: {وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ} [الحجر: ٢٧] وقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «خلقت الملائكة من نور» (١)، فإنّ حديث أبي هريرة رضي الله عنه دلّ على أنّ أصل النّور والنّار الماء، كما أن أصل التّراب الذي خلق منه آدم الماء، فإنّ آدم خلق من طين، والطين تراب مختلط بماء، والتّراب مخلوق من الماء كما تقدّم عن ابن عبّاس وغيره. وزعم مقاتل: أنّ الماء مخلوق من النّور، وهو مردود بحديث أبي هريرة هذا وغيره.

ولا يستنكر خلق النّار من الماء، فإنّ الله عزّ وجلّ جمع بقدرته بين الماء والنّار في الشّجر الأخضر، وجعل ذلك من أدلة القدرة على البعث، وذكر الطبائعيون: أنّ الماء بانحداره يصير بخارا، والبخار ينقلب هواء، والهواء ينقلب نارا، والله أعلم.

وقوله صلّى الله عليه وسلّم لأبي هريرة حين سأله عن بناء الجنّة، فقال: «لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها الزّعفران» (٢). وقد روي أيضا هذا عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من حديث ابن عمر مرفوعا، خرجه الطبرانيّ.

فهذه أربعة أشياء:

أحدها: بناء الجنّة، ويحتمل أنّ المراد بنيان قصورها ودورها، ويحتمل أن


(١) أخرجه: مسلم (٨/ ٢٢٦) (٢٩٩٦)، وأحمد (١٦٨، ٦/ ١٥٣).
(٢) أخرجه: أحمد (٣٠٥، ٢/ ٣٠٤)، والترمذي (٢٥٢٦).
والحديث حسنه الألباني في «الصحيحة» (٩٦٩)، وراجع: «العلل» للدارقطني (٢٣٥/ ١١ - ٢٣٦).

<<  <   >  >>