للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمن ندمه، ومن تفريطه أسفه، ومن اعوجاجه تقويمه، ومن تأخّره تقديمه، ومن زلقه في هوّة الهوى أن يؤخذ بيده فينجّى إلى نجوة النجاة، كما قيل:

قرّة عيني لا بدّ منك وإن … أوحش بيني وبينك الزّلل

قرّة عيني أنا الغريق فخذ … كفّ غريق عليك يتّكل

الفائدة الثانية: حصول المغفرة والعفو من الله تعالى لعبده؛ فإنّ الله يحبّ أن يعفو ويغفر، ومن أسمائه الغفّار، والعفوّ (١)، والتّوّاب، فلو عصم الخلق فلمن كان العفو والمغفرة؟

قال بعض السّلف: أوّل ما خلق الله القلم كتب: إنّي أنا التوّاب أتوب على من تاب. قال أبو الجلد: قال رجل من العاملين لله بالطاعة: اللهم، أصلحني صلاحا لا فساد عليّ بعده. فأوحى الله تعالى إليه: إنّ عبادي المؤمنين كلّهم يسألوني مثل ما سألت، فإذا أصلحت عبادي كلّهم فعلى من أتفضّل وعلى من أجود بمغفرتي؟.

كان بعض السلف يقول: لو أعلم أحبّ الأعمال إلى الله لأجهدت نفسي فيها، فرأى في منامه قائلا يقول له: إنّك تريد ما لا يكون، إنّ الله يحبّ أن يغفر. قال يحيى بن معاذ: لو لم يكن العفو أحبّ الأشياء إليه لم يبتل بالذّنب أكرم الخلق عليه.

يا ربّ أنت رجائي … وفيك حسّنت ظنّي

يا ربّ فاغفر ذنوبي … وعافني واعف عني

العفو منك إلهي … والذّنب قد جاء منّي

والظنّ فيك جميل … حقّق بحقّك ظنّي


(١) في أ، ب: «الغفور».

<<  <   >  >>