للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمراد بهذا أنّ لله تعالى حكمة في إلقاء الغفلة على قلوب عباده أحيانا، حتى يقع منهم بعض الذّنوب، فإنّه لو استمرّت لهم اليقظة التي يكونون عليها في حال سماع الذّكر، لما وقع منهم ذنب.

وفي إيقاعهم في الذّنوب أحيانا فائدتان عظيمتان:

إحداهما: اعتراف المذنبين بذنوبهم وتقصيرهم في حقّ مولاهم، وتنكيس رءوس عجبهم، وهذا أحبّ إلى الله من فعل كثير من الطاعات، فإنّ دوام الطاعات قد توجب لصاحبها العجب. وفي الحديث: «لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أشدّ من ذلك؛ العجب» (١).

قال الحسن: لو أن ابن آدم كلّما قال أصاب، وكلما عمل أحسن، أوشك أن يجنّ من العجب. قال بعضهم: ذنب أفتقر به إليه أحبّ إليّ من طاعة أدلّ بها عليه. أنين المذنبين أحبّ إليه من زجل المسبّحين؛ لأنّ زجل المسبّحين ربّما شابه الافتخار، وأنين المذنبين يزينه الانكسار والافتقار.

في حديث: «إنّ الله لينفع العبد بالذّنب يذنبه» (٢). قال الحسن: إنّ العبد ليعمل الذّنب فلا ينساه، ولا يزال متخوّفا منه حتى يدخل الجنّة. المقصود من زلل


(١) أخرجه: البزار (٣٦٣٣. كشف). وقال البزار: «لا نعلم رواه عن ثابت عن أنس إلا سلام، وهو مشهور، روى عنه عفان والمتقدمون».
قلت: ولكن ضعفه غير واحد من الحفاظ. لكن جود إسناده الهيثمي (١٠/ ٢٦٩).
وراجع: «كشف الخفاء» (٢/ ٢٣١).
(٢) أخرجه: القضاعي في «مسند الشهاب» (٢/ ١٥٩)، والعقيلي في «الضعفاء» (٤/ ٢٥٨)، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (٢/ ٧٨٧).
وقال العقيلي: «حديث غير محفوظ».
وقال ابن الجوزي: «هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم».
وراجع: «الميزان» (٤/ ١٢٣).

<<  <   >  >>