للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحكي للشافعي قول آخر أنّ أرجاها ليلة ثلاث وعشرين. وهذا قول أهل المدينة. وحكاه سفيان الثوريّ عن أهل مكّة والمدينة. وممن روي عنه «أنّه كان يوقظ أهله فيها» ابن عباس وعائشة، وهو قول مكحول. وروى رشدين بن سعد، عن زهرة بن معبد، قال: أصابني احتلام في أرض العدوّ وأنا في البحر ليلة ثلاث وعشرين في رمضان، فذهبت لأغتسل فسقطت في الماء، فإذا الماء عذب، فناديت أصحابي أعلمهم أنّي في ماء عذب. قال ابن عبد البرّ: هذه الليلة تعرف بليلة الجهنيّ بالمدينة، يعني عبد الله بن أنيس؛ وقد روي عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمره بقيامها.

وفي «صحيح مسلم» عنه أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال في ليلة القدر: «أريت أنّي أسجد صبيحتها في ماء وطين. فانصرف النبي صلّى الله عليه وسلّم من صلاة الصبح يوم ثلاث وعشرين وعلى جبهته أثر الماء والطّين» (١).

وقال سعيد بن المسيّب: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم في نفر من أصحابه، فقال: ألا أخبركم بليلة القدر؟ قالوا: بلى، يا رسول الله، فسكت ساعة، قال: لقد قلت لكم ما قلت آنفا، وأنا أعلمها، ثم أنسيتها، أرأيتم يوما كنّا بموضع كذا وكذا، أيّ ليلة هي؟ في غزوة غزاها، فقالوا: سرنا فقفلنا حتى استقام ملأ القوم على أنّها ليلة ثلاث وعشرين. خرّجه عبد الرزاق في كتابه (٢).

ورجّحت طائفة ليلة أربع وعشرين، وهم الحسن وأهل البصرة؛ وقد روي عن أنس. وكان حميد وأيّوب وثابت يحتاطون فيجمعون بين الليلتين، أعني ليلة ثلاث وأربع.

ورجّحت طائفة ليلة سبع وعشرين، وحكاه الثوريّ عن أهل الكوفة، وقال:


(١) أخرجه: مسلم (٣/ ١٧٣) (١١٦٧).
(٢) أخرجه: عبد الرزاق في «مصنفه» (٧٦٨٧)، وهو مرسل.

<<  <   >  >>