للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والضرار الذي ذكرناه في أدراج الكلام عنينا به ما يتوقع منه فساد البنية، أو ضعف يصد عن التصرف والتقلب في أمور المعاش" (١)، ثم اشترط الجويني لتنزيل الحاجة منزلة الضرورة في إباحة المحرم أن يكون الحرام أطبق الزمان وأهله، فقال: "إن جميع ما ذكرناه فيه إذا عمت المحرمات، وانحسمت الطرق إلى الحلال" (٢). وقد ذكر في بداية تقريره لهذه القاعدة: "أن الحرام إذا طبق الزمان وأهله، ولم يجدوا إلى طلب الحلال سبيلًا، فلهم أن يأخذوا منه قدر الحاجة، ولا تشترط الضرورة التي نرعاها في إحلال الميتة في حقوق آحاد الناس" (٣).

فالحاجة التي ذكر الجويني أنها تنزل منزلة الضرورة هي ما يترتب على فقدها ضرر، أو خوف هلاك، أو لا تجري بفقدها مصالح الدنيا على استقامة، والحاجة بهذا المفهوم هي بمعنى الضرورة عند كثير من أهل العلم، فمن تعريفات الضرورة عند الحنفية: "خوف الضرر على نفسه أو بعض أعضائه بتركه الأكل" (٤).

ومنها عند المالكية: "أنها لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا" (٥).

ومنها عند الشافعية: "ومن خاف من عدم الأكل على نفسه موتًا أو مرضًا مخوفًا أو زيادته، أو طول مدته، أو انقطاعه عن رفقته، أو خوف ضعف عن مشي أو ركوب ولم يجد حلالًا يأكله" (٦).


(١) المرجع السابق.
(٢) المرجع السابق، ص ٤٨٧.
(٣) غياث الأمم في التياث الظلم، للجويني، ص ٤٧٨.
(٤) أحكام القرآن، للجصاص ١/ ١٥٩.
(٥) الموافقات، للشاطبي ٢/ ١٧.
(٦) مغني المحتاج، للشربيني ٦/ ١٥٨ - ١٥٩.

<<  <   >  >>