للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

٣ - (الْعرق وَمَا يدره ويمسكه وينذر بِهِ) يحصل مَا يدل عَلَيْهِ من الْأَمْرَاض الحادة فِي جَوَامِع الْعِلَل والأعراض: كَثْرَة الْعرق تكون أما لِكَثْرَة الرُّطُوبَة أَو لرقتها أَو لاتساع المسام أَو لفضل الْقُوَّة الدافعة وقلته وبالضد. وضيق المسام يكون أما من انضمام أَو سدة والأنضمام يكون إِمَّا للبرد وَإِمَّا للقبض وَإِمَّا لِكَثْرَة اللَّحْم والسدة تكون عَن أخلاط لزجة.

من الرَّابِعَة من تَدْبِير الأصحاء ينظر من الْعرق إِلَى لَونه وطعمه وريحه فِي وَقت الأستحمام فَأَنَّهُ يدل على الكيموسات الْغَالِبَة على الْبدن لِأَنَّهُ رُبمَا كَانَ أصفر وَرُبمَا كَانَ شَدِيد الصُّفْرَة إِذا جمع حَتَّى يكون كالجلاء يَعْنِي جلاء الصاغة وَعند ذَلِك يكون الْخَلْط الْغَالِب مرارياً خَالِصا وَرُبمَا كَانَ مائياً بلغمياً وَقد يكون حامضاً ومالحاً وَمَرا وكل ذَلِك يدل على حَال الكيموس الْغَالِب فِي الْبدن.

لي يتفقد من الْعرق لَونه وريحه وطعمه وقلته وكثرته وحرارته وبرودته واوقات خُرُوجه فَأَنَّهُ يدل فِي كل حَالَة من هَذِه الْحَالَات على شَيْء دون شَيْء.

قَالَ: وكما أَن الْبَوْل يدل على حَال مَا فِي الْعُرُوق كَذَا الْعرق يدل على مَا هُوَ خَارج الْعُرُوق أَعنِي الْفضل الملبس على الْعِظَام فَيكون إِذا غلب عَلَيْهِ البلغم أَبيض المنظر وَإِذا غلبت عَلَيْهِ الصَّفْرَاء أصفر بِمِقْدَار ذَلِك فَأن كَانَ غلبته كَثِيرَة صَار بلون الْجلاء أَعنِي جلاء الصاغة.

الْمقَالة الأولى من تقدمة الْمعرفَة: قَالَ: أما الْعرق فأفضله فِي جَمِيع الْأَمْرَاض الحادة مَا كَانَ فِي يَوْم باحورى وتخلص بِهِ العليل من حماه تخلصاً تَاما أَو مَا كَانَ فِي الْبدن كُله فَصَارَ العليل بِهِ أخف وَإِن لم يفعل أحد هذَيْن فَلَا نفع فِيهِ. وأردأ الْعرق الْبَارِد ثمَّ مَا كَانَ فِي الرَّقَبَة وَالرَّأْس فَأن هَذَا الْعرق إِذا كَانَ مَعَ حمى حادة يدل على الْمَوْت وَإِذا كَانَ مَعَ حمى هِيَ أَلين وأسكن أنذر بطول الْمَرَض.

قَالَ ج: أَن الْعرق الْكَائِن فِي يَوْم باخورى وَيكون بِهِ بحران تَامّ يكون حُدُوثه لَا محَالة فِي جَمِيع الْبدن وَكَذَا الْعرق الَّذِي يكون فِي جَمِيع الْبدن ويخف عَلَيْهِ الْمَرَض لَا محَالة يكون فِي يَوْم باحورى. وَأما الْعرق الَّذِي لَا يفعل شَيْئا من هذَيْن فرداءته يسيرَة. والكائن فِي الْبدن كُله إِلَّا أَنه يخف عَلَيْهِ الْمَرَض أَجود مِنْهُ. وَالَّذِي لَا يحدث خفاً لَكِن يزِيد فِي الْمَرَض فشر مِنْهُ وَلَو كَانَ فِي)

الْبدن كُله.

وَجَمِيع هَذِه الْأَصْنَاف حارة. والعرق الْبَارِد والكائن فِي الرَّأْس والرقبة رديئان لِأَنَّهُمَا ينذران بغشي. والبارد الْكَائِن فِي الرَّأْس والرقبة هُوَ شَرّ جَمِيع أَصْنَاف الْعرق وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ ينذر بحدوث الغشي لَكِن بِأَنَّهُ قد حدث فَانْظُر حِينَئِذٍ إِلَى الْحمى فَأن كَانَت مَعَ ذَلِك عَظِيمَة حارة فالموت لَا محَالة حَادث مَعَ كل وَاحِد من هذَيْن الصِّنْفَيْنِ من الْعرق الْبَارِد فِي جَمِيع

<<  <  ج: ص:  >  >>