للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

استحصاف الْبدن الْحمى الَّتِي تكون مِنْهُ يَنْبَغِي أَن يلبث فِي هَوَاء الْحمام أَكثر من جَمِيع الْأُخَر كلهَا لِأَنَّهَا تحْتَاج إِلَى تَحْلِيل ورم الغدد. قَالَ: والحمى الْحَادِثَة عَن هَذِه تحْتَاج أَن يلبث صَاحبهَا فِي هَوَاء الْحمام كثيرا إِلَّا أَنه دون لبث من بِهِ استحصاف. من حماه من غم يلبث فِي مَاء حَار أَكثر من هَوَاء الْحمام بل اللّّبْث فِي هوائه ضار لَهُ. والتعب كَذَلِك يَنْبَغِي أَن يكون الأستحمام مِنْهُ والأرق كَذَلِك والأحتراق فِي الشَّمْس. والتعب يكثر فِي الأستحمام من الدّهن أَكثر من جَمِيعهَا ويدلك بذلك دلكا رَفِيقًا لينًا جدا معتدل الْمِقْدَار كَيْمَا يرطبه. وَالْغَم يسْتَعْمل فِيهِ الدّهن أقل من التَّعَب والسهر كَذَلِك وَجَمِيع مَا يجفف الْبدن فَأَنَّهُ يسْتَعْمل فِيهِ الدّهن أقل مِمَّا يسْتَعْمل فِي صَاحب التَّعَب والسهر كَذَلِك لِأَن صَاحب التَّعَب اجْتمع فِيهِ أَمْرَانِ أَحدهمَا أَنه قد جف جفوفاً كثيرا وَيحْتَاج إِلَى دهن يرطبه وَالْآخر أَنه قد أَصَابَهُ فِي أَعْضَائِهِ شَبيه بالتمدد فَيحْتَاج إِلَى)

الدّهن ليطلق ويرخى للأستحصاف يَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل الدّهن فِي الْحمام أقل من الأستعمال فِي صَاحب الْغم والأرق وَليكن مَا يسْتَعْمل مِنْهُ أَيْضا من بعد ذَلِك لينًا غير كثير الْمِقْدَار ليوسع المسام ويحلل الفضول المحتقنة فِيهِ.

ورم اللَّحْم الرخو: الدّهن والتمريخ أقل نفعا لَهُ من الَّذِي قبله لِأَنَّهُ أقل حَاجَة إِلَى التَّحَلُّل مِنْهُ.

التَّعَب يَنْبَغِي أَن يستحم بِالْمَاءِ مَرَّات كَثِيرَة بِحَسب مَا يُمكن يجلب إِلَيْهِ الْقُوَّة لِأَن أبدانهم قد جَفتْ جدا وَكَذَلِكَ أَصْحَاب الْهم والسهر يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ أَكثر من غَيرهم من أَصْحَاب الحميات الَّتِي لم تَجف أبدانهم مثل المستحصفي الْأَبدَان إِلَّا أَن هَؤُلَاءِ أَيْضا أَعنِي أَصْحَاب الْهم والسهر يكتفون من المرات بِأَقَلّ مِمَّا يَكْتَفِي بِهِ صَاحب التَّعَب لِأَن أبدانهم لم تَجف جفاف أبدان أَصْحَاب التَّعَب. المستحصف يحْتَاج أَن يمْكث فِي هَوَاء الْحمام مُدَّة ليتحلل بدنه وَيحْتَاج إِلَيْهِ أَكثر من غَيره. صَاحب ورم الحالب يحْتَاج إِلَى هَوَاء الْحمام مُدَّة يسيرَة لِأَنَّهُ يحْتَاج من التَّحْلِيل إِلَى شَيْء كثير. التَّعَب يَنْبَغِي أَن يكون طَعَام من حم من تَعب كثير الْمِقْدَار سهل الأنهضام فِي مَرَّات كَثِيرَة لِأَن قوته ضَعِيفَة. وَأَصْحَاب السهر وَالْخَوْف وَالْغَم يغذون بعد الْحمام بغذاء مرطب يُولد دَمًا جيدا لِأَن هَذِه تجفف الْبدن.

استحصاف الْبدن: يَنْبَغِي أَن يكون تَدْبيره فِي غذائه لطيفاً لِأَنَّهُ يُولد دَمًا كثيرا لِأَن بدنه ممتلىء.

وورم الغدد كَذَلِك. فِي التَّعَب يسقى من الشَّرَاب مَا أمكنه أَن يشرب وينحو بذلك نَحْو الْعَادة وَالْقُوَّة وَالسّن فَأن الشَّيْخ وَالصَّبِيّ لَا يحتملان الْكثير من الشَّرَاب وَلَا الضَّعِيف وَكَذَا من لَا عَادَة لَهُ بِهِ فَلَا تطلق لَهُ إِلَّا الْيَسِير وبالضد وَكَذَلِكَ فِي الشتَاء فاجعله أَكثر مِنْهُ فِي الصَّيف وَبِالْجُمْلَةِ انح نَحْو مَا تحْتَاج إِلَيْهِ وينفع الْبدن وَلَا يضرّهُ ويولد شَيْئا لَا حجا.

ورم الغدد لَا يسقى فِيهِ شراب حَتَّى يسكن ذَلِك الورم لِئَلَّا يعظم الورم. وَالْغَضَب لَا يسقى شرابًا حَتَّى يسكن غَضَبه سكوناً تَاما لِأَن الشَّرَاب يهيج الْغَضَب والأرق يسقى مِنْهُ فَأَنَّهُ نَافِع لَهُ لِأَنَّهُ ينومه. وَالْغَم يسقى فِيهِ شرابًا لِأَنَّهُ يسليه. والأستحصاف أَن كَانَ يَسِيرا يسقى مِنْهُ لِأَنَّهُ يُوسع المسام فَأن كَانَ شَدِيدا قَوِيا لم يسقى مِنْهُ لِأَنَّهُ يُمكنهُ وَيزِيد فِي الأمتلاء.

أهرن قَالَ: كل حمى من ورم الأربية والإبط إِن كَانَ فِي الْيَد وَالرجل قرحَة تورمت لذَلِك الأربية والإبط فهاج من ذَلِك حمى عفن لَكِن أَن ورمت الأربية والإبط بِلَا قرحَة تقدّمت فَهِيَ حمى عفن خبيثة.)

ابْن سرابيون: حمى يَوْم الْحَادِثَة عَن شمس وحر وسموم تكون رؤوسهم وجلودهم أسخن من رُؤُوس سَائِر أَصْحَاب الْحمى وخاصة رؤوسهم وَيكون بهم صداع وتحمر أَعينهم وتحمى فانتظر بهم سكونها. واسكب على رؤوسهم مَاء عذباً فاتراً قد طبخ فِيهِ بابونج وبنفسج ونيلوفر وَورد وادهن رؤوسهم بِهَذِهِ الأدهان أَو صب على رؤوسهم دهن ورد مفتراً وَلَا يكون بَارِدًا جدا فَأَما الْحَادِثَة عَن برد شَدِيد فَأن أبدانهم تكون منكمشة جافة تشبه حمى يَوْم الْحَادِثَة عَن الأستحمام بِمَاء الشب وبولهم أَبيض أَو مائل إِلَى الصُّفْرَة قَلِيلا لِأَنَّهُ لَا يتَحَلَّل من الْبرد شَيْء من الرطوبات ويصغر نبضهم فَاسْتعْمل فيهم بخارات الْمِيَاه الحارة الَّتِي قد طبخ فِيهَا أكليل الْملك ومرزنجوش وتجعله تَحْتهم فِي الْحمام ومرخهم بدهن مُحَلل كدهن البابونج والشبث والخيري وَلَا يدهنوا إِلَّا بعد الْعرق لَا قبل ذَلِك ويغذوا بأغذية مسخنة معتدلة كالإسفيذباج ويشربوا الشَّرَاب ويشموا الرياحين الطّيبَة. وَالَّذين يستحمون من مياه قابضة تكون جُلُودهمْ كمن مكث مُدَّة طَوِيلَة فِي مَاء العفص وَأول مَا تضع يدك على أبدانهم لَا تحس فِيهَا بحرارة لتكمش الْجلد على مَا ذكرت فأذا طَال مكثها أحسست بحرارة لِأَنَّهُ لَا يتَحَلَّل الْجلد وَيخرج البخار وَلَا يسقى هَؤُلَاءِ الشَّرَاب بعد إِلَّا أَن تفتح مسامهم لِأَنَّك أَن سقيت شرابًا وتكاثفهم شَدِيد زِدْت فِي الأمتلاء.

قَالَ: حمى يَوْم الْحَادِثَة عَن أَطْعِمَة حارة تسخن الكبد أَكثر من سَائِر الْأَعْضَاء وَلِهَذَا بَوْلهمْ أَحْمَر ويحسون فِي أكبادهم بلهيب وأعطهم النافعة للكبد مِمَّا يدر الْبَوْل مثل السكنجين السكرِي وَمَاء الرُّمَّان الحامض ويضمدوا بضماد الصندلين وكافور بِمَاء خلاف وَمَاء ورد.

<<  <  ج: ص:  >  >>