للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضمير على متأخر لفظًا ورتبة١؛ وهو مرفوض في هذا الموضع، أما عوده على المتأخر لفظًا دون رتبة -وهو المسمى بالمتقدم حكمًا- فجائز، ومن أمثلته: عود الضمير من مفعول به متقدم على فاعله المتأخر؛ نحو؛ حملت ثمارها الشجرة - فالضمير "ها" في المفعول عائد على "الشجرة" التي هي الفاعل المتأخر في اللفظ، دون الرتبة؛ لأن ترتيب الفاعل في تكون الجملة العربية يسبق المفعول به. ونحو: أفادت صاحبها الرياضة - أروى حقله الزارع ...

أما عودة الضمير على المتأخر لفظًا ورتبة فكما عرفنا - ممنوعة إلا في بعض مواضع محددة، وقد وردت أمثلة قديمة عاد الضمير فيها على متأخر لفظًا ورتبة في غير تلك المواضع؛ فحكم عليها بالشذوذ وبعدم صحة محاكاتها، إلا في الضرورة الشعرية، بشرط وضوح المعنى، وتمييز الفاعل من المفعول به؛ فمن الخطأ أن تقول: أطاع ولدها الأم - أرضى ابنه أباه.

٢- أن يكون الفاعل قد وقع عليه الحصر "بأداة يغلب أن تكون إلا" المسبوقة بالنفي، أو"إنما" نحو: لا ينفع المرء إلا العمل الحميد - إنما ينفع المرء العمل الحميد، وقد يجوز تقديم المحصور "بإلا" على مفعوله إذا هي تقدمت معه وسبقته؛ نحو: لا ينفع إلا العمل الحميد المرء ...

"ملاحظة": ستأتي٢ مواضع يجب أن يتقدم فيها المفعول به على عامله، فيكون متقدمًا على فاعله تبعًا لذلك.


١ شرحنا "في باب الضمير ج ١ ص ١٨٢" معنى التقدم في اللفظ مع التقدم في الرتبة، ومعنى التقدم في اللفظ دون الرتبة، وملخصه: أن بناء الجملة العربية قائم على ترتيب يجب مراعاته بين كلماتها؛ فتتقدم واحدة على الأخرى وجوبًا أو جوازًا؛ فإن كان تقدم اللفظ واجبًا بحسب الأصل الغالب عليه سمي تقدمًا في الرتبة، أو في الدرجة، فالأصل في المبتدأ وجوب تقدمه على الخبر، والأصل في الفعل وجوب تقدمه على فاعله ومفعوله: والأصل في الفاعل أن يتقدم على المفعول ... فإذا تحقق هذا الأصل ووضع كل لفظ ي مكانه وفي درجته قيل: إنه متقدم في اللفظ وفي الرتبة؛ كالمبتدأ حين يتقدم على خبره، وكالفاعل حين يتقدم على مفعوله، فإذا تأخر المبتدأ عن خبره، أو الفاعل عن مفعوله، لم يفقد درجته؛ ولم تزل عن رتبته، برغم تأخره اللفظي؛ فيقال عنه: إنه متأخر لفظًا لا رتبة.
وهناك مواضع يجوز فيها عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة شرحناها -كما قلنا- في مكانها الأنسب لها، وهو باب الضمير ج ١ ص ٢٣٤ م ٢٠ برغم أن بعض المطولات النحوية تذكرها في آخر باب الفاعل لمناسبة طارئة.
٢ في الصفحة التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>