للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما شرقت الشمس مذ أو منذ دقيقتين١؛ لأن شروق الشمس لا يمكن تكرره في أثناء دقيقتين بالنسبة لأفق واحد، وكذا يقال في سائر الكواكب؛ لأنهما كلها بحسبان، فهب نجمًا بعينه يتم دورته في ثلاث سنين مثلًا، فإنه لا يجوز أن يقال: ما شرق هذا النجم منذ أو منذ ثلاث سنين؛ لأنه لا يمكن أن يتكرر شروقه في هذه المدة، ويجوز أن يقال: ما شرق نجم مذ أو منذ ساعتنا، وذلك؛ لأنه شروق متعلق بغير معين، فيجوز تكرره.

ولا تقول: شرق هذا النجم، أو نجم مذ أو منذ السبت، ولكنك تقول في الإثبات، على ما استظهرت آنفًا: شرق هذا النجم، أو نجم، مذ أو منذ ساعتنا أو ليلتنا، مثلًا.

ثالثًا: سنح قال في الأساس: من المجاز: سنح له رأي، أي عرض له. ا. هـ، وفي المصباح: وسنح لي رأي في كذا: ظهر، وسنح الخاطر به: جاد. ا. هـ.

فأنت ترى أن عروض الرأي حدث غير متطاول؛ لأنه طروء فاجئ، فإذا حصلت الفكرة فقد انقطع السنوح، وذلك لا يستغرق إلا وقتًا يسيرًا؛ لا يمكن أن يوصف بالتطاول، فلا نقول مثلًا: سنحت لي فكرة كذا مذ أو منذ يوم الخميس، أي: من يوم الخميس، ولا: سنحت لي فكرة كذا منذ ساعتين. ولكنك تقول، على ما استظهرت آنفًا: سنحت لي فكرة كذا منذ يومنا، أو مذ هذه الساعة، أو الدقيقة، مثلًا.

وتقول أيضًا، مثلًا: ما سنحت لي فهذه الفكرة مذ أو منذ ساعتين؛ لأن سنوح فكرة بعينها يمكن تكرره في أثناء ساعتين، ولكن لا يمكن أن تقول: ما سنحت لي فكرة مذ أو منذ ساعتين، مثلًا: أم ومذ أو منذ يومنا، لاستحالة مثل هذا عادة، في حال الإنسان الطبيعية.

فقد رأيت في الأفعال الثلاثة المتقدمة، وما فرعنا عليها من الأمثلة أنها ليست كلها سواء٢، فقد يجوز في استعمال أحدها مع مذ أو منذ لا يجوز في الآخر. فالمسألة إذًا راجعة لمعنى الفعل الخاص عند استعماله مع مذ أو منذ، في الإثبات


١ هذا وما حمل عليه مما ينفرد به الباحث مفتقر لتأييد.
٢ في كلام الباحث ما يحتاج إلى التمحيص.

<<  <  ج: ص:  >  >>