للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذ أو منذ يومنا، فكلامهم في "التطاول" و"صحة التكرر" مجمل يفتقر إلى تفصيل وتوضيح١.

هذا، ولم أجد فيما لدي من المراجع مثالًا للحدث غير المتطاول إلا "القتل".

وإني مورد أمثلة له فيما يلي للإيضاح، لا للحصر فأقول:

أولًا: أو مضى، أو ومضى وفسر الزمخشري الإيماض بأنه لمع خفي، قال: وشمت ومضة برق كنبضة عرق. ا. هـ.

فالإيماض غير متطاول كالقتل؛ لأنه عبارة عن لمع خاطف كرجع البصر، أو نبضة العرق، فلا يصح أن نقول مثلًا: ومض البرق مذ أو منذ يوم الخميس، أي: من يوم الخميس، كما لا يجوز أن نقول مثلًا: أو مضى البرق مذ أو منذ ليلتين: من ابتدائهما إلى انتهائهما٢.

ولكن يصح أن نقول مثلًا: أو مضى البرق مذ أو منذ ليلتنا، أي: في ليلتنا كما صح أن تقول مثلًا: قتلته مذ أو منذ يومنا، كما قررته آنفًا، كما يصح أن تقول مثلًا: ما أومض البرق مذ أو منذ يوم الجمعة، أي: من يوم الجمعة، وما أومض البرق منذ أو مذ ليلتنا، أي: ليلتنا، وما أومض البرق مذ أو منذ ليلتين؛ لأن الحدث هنا يصح تكرره.

ثانيًا: شرق، أي: بدا وظهر، فيقال: شرقت الشمس، إذا بدت من المشرق. وكذا القمر، أو النجم، فالشروق غير متطاول؛ لأنه مجرد الظهور، وهو ملامسة الأفق، وهو لا يستغرق من الوقت إلا ما لا يكاد يذكر، فلا يقال مثلًا في الإثبات: شرقت الشمس مذ أو منذ ساعتين، أي: من ابتدائهما إلى انتهائهما. كما أوضحنا مثل هذا من قبل، كما لا يصح أن يقال في النفي مثلًا:


١ ردًا على الباحث أقول: إن التطاول متحقق في المثال الأخير المنفي؛ فكلامهم واضح، وهو الصحيح وتؤيده النصوص المسموعة الدالة على أنهما بمعنى: "في". بشرط التكرر، أو التطاول، لا مجرد "في".
٢ قد فسر ابن الأعرابي الوميض بأن يومض إيماضة ضعيفة، ثم يختفي، ثم يومض. . . فهذا التكرر المتعاقب قد ينزل منزلة الفعل المتطاول فيما يظهر لي، فيصح أن تقول مثلًا: أومض البرق مذ أو منذ يوم الخميس، أي استمر هذا منه، على هذا التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>