للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونزيد هاهنا بياناً فنقول: ألا ترى أنك قد أوجبت العجمة لكل فارسي فهذه موجبة كلية وليست نافية البتة، وإذ هي كذلك فعكسها موجبة جزئية، وهي قولك: وبعض الأعجمين فارسي؛ وكذلك قولك: ليس شيء من الجوهر محمولاً في عرض، فهذه صادقة، فإذا عكست فقلت: ولا شيء من الأعراض محمولاً في الجوهر، فهذا كذب. فتفهم موضع المغالطة في (١) هذا الباب، وهو أن العكس الذي ذكرنا حكمه في النوافي وصححناه إنما هو في نفي اشتباه الذاتين أو في نفي اشتباه جزئيهما ولم نرد نفي اشتباه غيرهما. وهاهنا إنما نفيت اشتباه موضع الجوهر وموضع العرض، وموضعهما غيرهما، وموضع كل شيء فهو غير الشيء الذي في الموضع بلا شك.

وتحفظ أيضاً من المغالطة الواقعة (٢) في عكس الموجبة الكلية بأن يقال لك: أليس كل ماض من الزمن قد كان مستقبلاً، فلا بد من نعم، فيقال لك: فبعض المستقبل قد كان ماضياً، وهذا كذب، فتحفظ من موضع المغالطة هاهنا، وهو أنه إنما دخل الكلام (٣) الغلط من التسوية بين زمانين هما غير الصفتين اللتين هما المضي والاستقبال، المضي (٤) خبر عن شيء كان موجوداً حال المستقبل، لأن المستقبل عدم ولا حال للعدم (٤) . ويقتضي لفظ [٦٥ظ] المخبر عنهما اختلافهما لا التسوية بينهما، وتصحيح ذلك أن تقول: بعض المستقبل يصير ماضياً أو قد صار ماضياً وهذا (٥) صحيح.

وتحفظ أيضاً من غلط يقع في عكس الموجبة الجزئية. مثاله: بعض الخمر قد كان عصيراً، فإن قلت: بعض العصير قد كان خمراً كذبت. والغلط أيضاً هاهنا من قبل تسويتك بين زماني المخبر عنهما، وزمانهما غيرهما، وإنما يصح العكس في الصفات الملازمة للمخبر عنهما لا في الصفات اللازمة لغيرهما. وتصحيح ذلك أن


(١) س: من.
(٢) م: غلط يقع.
(٣) الكلام: سقطت من م.
(٤) سقط من م.
(٤) سقط من م.
(٥) م: فهذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>