للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - باب من أنواع البرهان تختلف مقدماته في الظاهر إلا أن الغرض في نفيها وإيجابها واحد

هذا نوع من إقامة البرهان يصدق أبداً إذا رتب رتبة حسنة كقولك: بعض الموجودات شيء لم يزل، ولا موجود إلا الخالق والجوهر والعرض، وهذا الذي (١) لم يزل ليس هو الجوهر ولا العرض. النتيجة: فهو الخالق عز وجل. فالمقدمة الأولى من هذه المقدمات الثلاث هي من النوع الذي ذكرنا قبل هذا متصلاً آخره بأول هذا الباب وهو الذي يعطي المخبر عنه أكثر من صفة واحدة. ألا ترى أنك (٢) أوجبت للمخبر عنه أنه لم يزل وأنه موجود وبأنه خالق لا إله إلا هو. والمقدمة الثالثة هي من القضايا المقسمة وقد صححت فيها نفي أنه الجوهر أو العرض، فوجب أنه القسم الثالث ضرورة وهو الخالق عز وجل. والمقدمة الثانية المتوسطة هي من كلا النوعين المذكورين فأخذت من النوع الذي يعطي المخبر عنه أكثر من صفة واحدة قولك (٣) فيها إنه لم يزل وإنه ليس الجوهر وليس العرض، وأخذت من المقسمة قولك ليس الجوهر وليس العرض، ووصفت أيضاً فيها الموجود أنه أكثر من واحد، فقد أنتجت هذه المقدمات الثلاث نتيجة واحدة. وهذا النوع كثير التكرر في تضاعيف المناظرات (٤) وجم (٥) المرور في أثناء البحث عن الحقائق المطلوبات، لأنك توقن وجود (٦) شيء ما فتريد تحقيق صفاته، فتأخذ كل قسم ممكن أن يكون الموصوف يوصف به ثم تنفي عنه ما صح نفيه بالدلائل الصحاح حتى تنتفي (٧) كلها حاشا واحداً منها فقط. فذلك الذي يبقى هو صفة الشيء الذي تريد معرفة حقيقة حكمه. ومن ذلك أن تقول: واحد ممن في المنزل (٨) قتل زيداً، ولم يكن في البيت إلا يزيد وخالد ومحمد، فمحمد كان نائماً، ويزيد كان مغشياً عليه من علة به، النتيجة: [٦٠ظ] فخالد قتله. وقد تكثر


(١) س: والذي.
(٢) س: أنك إذا.
(٣) س: كقولك.
(٤) س: المناظرة.
(٥) س: وحر.
(٦) س: وجوب.
(٧) م: تنفى.
(٨) س: من في (وسقطت لفظة المنزل) .

<<  <  ج: ص:  >  >>