للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنك لو قلت: الورد أطيب رائحة من الخزامى، والخزامى أضعف رائحة من البنفسج، النتيجة: فالورد أطيب رائحة من البنفسج صادقة، وإذا قلت الورد أطيب رائحة من الخزامى، والخزامى أضعف رائحة من المسك، النتيجة: فالورد أطيب رائحة من المسك كاذبة، وأنت إذا التزمت ما حددته (١) لك صدقت أبداً بلا شك، وذلك أن تقول: الورد أطيب رائحة من الخزامى، والخزامى أطيب رائحة من الضيمران، فالورد أطيب رائحة من الضيمران، فهذا الترتيب لا يخونك أبداً.

ونمثل ذلك بمثال شريعي فنقول: إن موه مموه فقال: عليّ أكثر فضائل من العباس، والعباس أقل فضائل من أبي بكر، فأراد أن ينتج من ذلك: فعلي أكثر فضائل من أبي بكر وقال: إن مقدمتي كلتيهما صادقة لم يسوغ له (٢) ذلك، وقيل له اجعل مكان أبي بكر رسول الله، ملى الله عليه وسلم، فإنها أيضاً تأتيك مقدمتان صادقتان، ثم انظر ماذا تنتج فتقول: عليّ أكثر فضائل من العباس والعباس أقل فضائل من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فهاتان صادقتان، والنتيجة: فعلي أكثر فضائل من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهذا كذب وكفر. ولا يترك يأخذ في نتيجة قرينة واحدة ما وصف به المخبر عنه في المقدمة الأولى وفي نتيجة قرينة أخرى ما وصف به المخبر عنه في المقدمة الثانية، مثل أن يأخذ في الواحدة ذكر الأكثر وفي الثانية ذكر الأقل، ولكن يعكس عليه ما يريد من ذلك فيلوح تمويهه من قريب، حتى إذا جعلت حكم الحد المشترك واحداً في اللفظ أصبت أبداً، وذلك مثل ان تقول: عليّ أكثر فضائل من أبي هريرة، وأبو هريرة أكثر [٦٠و] فضائل من معاوية، النتيجة: فعلي أفضل من معاوية (٣) ، فهذا الترتيب لا يخونك أبداً وصح لك في هذا النوع من البرهان صفتان للمخبر عنه أحدهما فضله على من نسبته منه والثانية فضله على من نسبت إليه الذي نسبت منه أولاً. ولذلك ترجمناه بأنه تتضاعف فيه الصفات، وبالله تعالى التوفيق.


(١) م: حددت.
(٢) له: سقطت من م.
(٣) النتيجة فعلي ... معاوية: سقط من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>