للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ جارُ الله: " فَصلٌ، وحقٌ ما يُضافُ إليه "كِلا" أن يكونَ معرفةً أو مُثَنَّى، أو ما هو في معنى المُثَنَّى كقوله (١):

فإنَّ اللهَ يعلَمُني وَوَهبًا … ويَعلمُ أن سَيَلقَاهُ كِلانا

وقوله (٢):

إنَّ للخَيْرِ وللشَّرِ مَدىً … وكلا ذلِكَ وَجهٌ وقبل

ونَظيرُه (٣): {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} ".

قال المشرِّحُ: أمّا حَقٌّ ما يضافُ إليه "كِلا" أن يكونَ مَعرفةً، فلأنَّ المضافَ إليه بمنزلةِ المُؤكَّدِ، والمؤَكَّدُ لا يكونُ إلّا معرفةً، على ما يجيءُ بيانُه إن شاء الله تَعالى في التَّوابعِ. وأما كونُه مُثَنًى فظاهرٌ، وذلك أنَّ التَّأكيدَ تَبعٌ (٤) للمُؤَكَّدِ في التَّثنيةِ (٥) والإِفرادِ، وإن لم يَكُن مثَنَّى فلا بُدَّ من أن يكونَ في معنى المُثنَّى كقوله: "سَيَلْقَاهُ كِلَانا" فإنْ لم يضمر فيه وهو ما وإن لم يكن مُثَنًّى إلَّا أنَّه في معنَى المُثَنَّى. في هذا البيت شُذوذٌ من وَجهين:

أحدهما: إفرادُ ما أضيفَ إليه "كِلا".

الثاني: إبدالُ ضَميرِ الحكايةِ من المُظهرِ، وكذلك "ذلك" في البيتِ الثَّاني لأنَّ المعنى كِلا الأمرين الخيرِ والشّرِّ. هذا البيت لابنِ الزِّبَعْرَى (٦) في يومِ أحدٍ وقبله:


(١) البيت للنمر بن تولب، انظر ديوانه: ١٢٢.
توجيه إعرابه وشرحه في المنخّل: ٦١، والخوارزمي: ٣٤، وزين العرب: ٢٣ وشرح ابن يعيش: ٣/ ٢، ٧٧، والزملكاني: ٢/ ١٥١، والبيكندي: ١/ ١٨٢.
(٢) سيأتي تخريجه إن شاء الله.
(٣) سورة البقرة: آية ٦٨.
(٤) في (ب) وفق.
(٥) في (ب) الإفراد والتثنية.
(٦) هو عبد الله بن الزِّبَعرى بن قيىس السَّهمي القُرشي، شاعر مكة في الجاهلية، كان شديدًا على =

<<  <  ج: ص:  >  >>