للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ جارُ اللَّهِ: وما زيدٌ بشيءٍ إلَّا شيءٌ لا يُعبأ به بالرَّفعِ لا غيرُ.

قالَ المشرِّحُ: الدَّلِيلُ على أنَّه لا يجوزُ في مثلِ هذا البدلِ إلَّا الرفعُ، أنه لا يَجُوز فيه الجَرُّ ولا النَّصبُ فتَعَيَّنَ الرَّفعُ، أمَّا الجرُّ فلأنَّه لو انجَرَّ لكانت الباءُ التي لا تَدخُلُ إلَّا في مقام النَّفِي داخلةً في مقامِ الإِثباتِ، وذلك لا يجوزُ. أمَّا النَّصبُ فلأنَّه لو انتَقَصَ النَّفيُ في بابِ المُشبَّهتين بليس فلا مَساغَ فيه للنَّصبَ. فإن سألتَ: ما ذكرتَ من الدَّليلِ وإن دَلَّ على أنَّ الرَّفعَ واجبٌ فها هنا ما يَدُلُّ على أنَّه غيرُ جائزٍ فضلًا عن الوجوبِ وهذا لأنَّ إعرابَ هذا الإِسمِ على البَدَلِ من الأوَّلِ، والرَّفعُ في البَدَلِ إنما يكونُ أن لو كانَ الرَّفعُ في المبدلِ، والرَّفعُ ليس في المُبدَلِ ها هنا، فيكونُ في البدلِ.

أما بيانُ المُقدّمةِ الأُولى فظاهرٌ، وأمَّا بيانُ المقدّمةِ الثَّانيةِ فلأنَّ قولك: بشيءٍ في قولك: ما زيدٌ بشيءٍ في مَحَلِّ النَّصبِ بدليلِ هذه الباءِ.

أجبتُ: قَولُهُ بأنَّ الرَّفعَ في هذا الإِسمِ غيرُ جائزٍ، قُلنا: ما الدَّليلُ على ذلك؟ قولُه: إعرابُ هذا الإِسم على البَدَلِ من الأولِ، والرَّفعُ في البَدَلِ إنَّما يكونُ لو كانَ في المُبدَلِ، والرَّفعُ ليسَ في المبدَلِ ها هنا؟ قلنا: لا نُسَلّمُ، وهذا لأنَّ المُبدَلَ إذا وَقَعَ في مِثلِ هذا المَوقِعِ، أعني ما بَعد الاستِثْنَاء الواقِع في بابِ المُشَبَّهتين بليس فإنَّه يجوزُ فيه الرَّفعُ فكذلك البَدَلُ.

ومما ألغزَ فيه أفضلُ القُضَاة الجَنْدِيِّ في هذه المسألة (١)


(١) نقل الأندلسي في شرحه ١/ ٢٨٨ هذا اللّغز كما نقل تعليق الخوارزمي عليه ونقله الزملكاني في شرحه: ٢/ ١٢١ ولم يصرح بنقله عن الخوارزمي مع أنه نقل تعليق الخوارزمي عليه قال: ومما ألغز فيه بعضهم: … وممن نقلوا هذا اللّغز أيضًا السّيوطي في كتابه "الأشباه والنظائر" الجزء الثاني: ص ٢٨٩ إلّا أنه نسبه للخوارزمي نفسه، وهو خطأ ظاهر كما ترى، والذي حداه على ذلك رغبته في تقطيع أوصال النصوص طلبًا للاختصار حتى يوهم أنه يملي =

<<  <  ج: ص:  >  >>