للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيتُ من أحدٍ إلَّا زيدًا، ولا أحدَ فيها إلَّا عَمرٌو فيَحْتَمِلُ البَدَلُ على مَحَلِّ الجَارِ والمَجْرُورِ لا على اللَّفظِ.

قَالَ المُشَرِّحُ: "مِنْ" الاستغراقيّة لا تدخلُ إلَّا على النَّفْي، وكذلك لا تدخلُ إلَّا على النَّكرةِ، كما في قوله تَعالى (١): {وَمَا مِنْ إِلَهٍ (٢) إِلَّا اللَّهُ} {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٣)}.

قال أبو سعيدٍ السِّيرافي: إنما دَخَلت "مِنْ" في النَّفي على النَّكرةِ لنقلِهِ من الواحِدِ إلى معنى الجِنس وكان معناه من واحدٍ إلى أَقصى هذا الجِنس، إذا عرفتَ هذا فوجهُ انسكابه بك إلى الغَرض أنه لو أبدلَ عبدُ اللَّهِ من أحدٍ في اللَّفظ للزمَ أن تكونَ من الإِستغراقيَّة فيه داخلةً في مقامِ الإِثباتِ وعلى المَعْرِفَةِ، وكِلا الأمرين مُستحيلٌ، أمَّا كونُه حينئذٍ في مقامِ الإِثباتِ، فلأنَّ الاستئناءَ بعدَ النَّفي إثباتٌ، والبَدَلُ في حُكمِ تكريرِ العاملِ، وأمَّا أنَّها حِينَئِذٍ تكونُ داخلةٌ على المعرفةِ فظاهرٌ، وأمَّا أنَّ كلا الأمرين مستحيلٌ فبالإِجماعِ، ولو كانت هي التي تَدْخُل على المَنفيّ والمُوجَب لجازَ خَفضُ ما بعدَها إلَّا بها، كقولك: ما أخذتُ من أَحَدٍ إلَّا زيدٍ، لأنَّ "من" صلةُ الأخذ في هذا، ولَيست استغراقيَّة (٥)، وأمَّا قولهم: ولا أحَدَ فيها إلَّا عَمرٌو فالوَجْهُ ما ذكرتُه من قولِ حاتِم (٦):

* ولا كريمَ من الولدان مَصْبُوحُ *

من أنَّ أحدًا وحدَه في مَحلِّ الرَّفعِ لا أن يكونَ الذي في مَحَلِّ الرَّفعِ ها هنا هو المَنْفِي مع لا.


(١) سورة آل عمران: آية: ٦٢.
(٢) الآية في (أ) فقط.
(٣) سورة ص: آية: ٦٥.
(٤) في (أ).
(٥) في (ب) الاستغراقية.
(٦) تقدم تخريجه في المنصوبات في اسم لا التي لنفي الجنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>