(٢) عقّب العلوي في شرحه: ١/ ٥٧ على ما قاله الخوارزمي هنا فقال: تنبيه: اعلم أنَّ للخوارزمي كلامًا على النّحاة طوّل فيه أنفاسه، وشيد ولم يحكم أساسه في قولهم: إنَّ أحدًا في قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ … } إلى أن قال: وزعم أنَّ كلام النّحاة فيما زعموه ليس حلو المذاق، وأنه مما تمجه الأسماع بالاتفاق فهذا ملخص كلامه بعد حذف أكثر فضلاته. واعلم أن كلامه هذا هو في الحقيقة من متاهات الظنون، ونفخات الصابون، فمتى مسها عاصف من التحقيق انكشف أمرها عن غيرِ طائلٍ وآلت حقائقها إلى غيرِ حاصلٍ. ويتضح فساده من أوجه خمسة: أما أولًا: فليت شعري ما وجه التشنيع على النحاة، هل كان من حيث أنهم أضمروا الفعل؟! وإضمار الفعل سائغ في كتاب الله تعالى، ودواوين العرب، وقد ذكرته في كتابك غير مرّة، فكيف نزعت عن شيء وتفعل مثله؟! … وأمّا ثانيًا: فلأنه إنما ساغ لك ما قلته في المسألة التي قالها الكوفيون وعولت عليها لما كان الظاهر منصوبًا على المفعولية فلا جرم ساغ فيه التقديم والتأخير على الفعل، وهذه المسألة بخلافها فإن مرفوعها لا يجوز تقديمه على فعله لما كان فاعلًا له فبينهما بون بعيد وتفاوت كبير. وأمّا ثالثًا: فنقول: هل هذا شيء أخذته من تلقاء نفسك، أو شيء قررته على قواعد النحو، أو شيء نقلته من النّحاة. فإن كان أخذته من تلقاء نفسك فلعمري إنه لنظر غريب، والنّفوس تولع بالغرائب لكن لا بكل غريب، وكم من غريب يمجها السمع، وينبو عنها العقل، وهذا من ذاك … ثم قال: ولم أعرف أنّ أحدًا من النّحاة المحققين ذهب إلى جواز تقديم الفاعل على فعله مع ارتفاعه به … أمّا رابعًا: فإن جاز لك أن تقول: إن أحدًا في قوله: وإن أحد من المشركين استجارك مرفوع على الفاعلية فيجوز أن يكون زيد في زيد ضرب مرفوعًا على الفاعلية؟! من غير فرق بينهما. لا يقال إنما وجب أن يكون مرفوعًا على الفاعلية لأجل حرف الشرط … وأمّا خامسًا: فحاصل ما عولت عليه هو أن يكون "أحد" مرفوعًا "باستَجَارك" على الفاعلية، وإن كان مقدمًا عليه، وهذا تصريح بتقديم الفاعل على فعله، وهذا ينقض ما قرره في صدر هذا الفصل من أنّ الفاعل لا يجوز تقديمه على فعله، لأنَّه نزل منزلة الجزء منه … ثم قال: والعجب منه أنه مع ذلك يدعي أنه قد أتى -فيما زعم- باليد البيضاء وحوى =