للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لو ذاتُ سوارٍ لطمَتنِي"، لو لَطَمَتنِي ذاتُ سوارٍ لَطَمَتنِي، ومثلُه لا يجوزُ أن يكونَ في كلامِ الناسِ فضلًا عن أن يكونَ كلامُ العَربِ العرباء وكلامَ اللهِ الذي (١) - {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (٢).

وأنا أولًا أُبيِّنُ منشأَ زَلَّتِهم من حيثُ اتفقَ لهم الزيغُ عن سواءِ السبيلِ والميلُ عن جادَّةِ الصَّوابِ، ثُمَّ أذكرُ ما هو الحقُّ.

فأقولُ: الذي (٣) غَرَّهم أنَّ الشرطَ والاستفهامَ لا بُدَّ لِكلِ واحدٍ منهما من فِعلٍ، قالوا والفعلُ المذكورُ بعدَ الإِسمِ في هذا المقامِ لا يَفِي بما يقتَضِيهِ الشَّرطُ والاستفهامُ من الفعلِ، وتَعَلَّقوا بمسألةٍ واحدةٍ، وهي أنك تَقُولُ: زيدٌ ضربتُه فيكونُ الاختيارُ في زيدٍ الرَّفعَ، فإذا قلتَ: إن زيدًا ضَرَبتَهُ ضرَبَك، وأزيدًا ضَرَبَكَ، فالاختِيارُ فيه النصبُ، ولو كان الفعلُ المذكورُ بعدَ هذا الاسمِ وافيًا بالفعلِ الَّذي يَقْتَضِيه الشَّرطُ والاستفهامُ لما كانَ الاختيارُ في زيدٍ النصبَ وهذا يَقتضي أن يكونَ الذي يَقتَضِيه الشَّرطُ، والاستفهامُ عقيبَها لا بَعدَ هذا الاسمِ، فإذا لَزِمَ أن يكونَ التقديرُ وإن استجارَك أحدٌ من المشركين استَجَارَك، وهل خرجَ زيدٌ خرجَ. هذا (٤) منتهى كلامِهم في هذه المسألةِ وأنا أَكشِفُ حقيقتَها فأقولُ: القياسُ في هذه المسألةِ نصبُ زيدٍ، إلَّا أنَّه رُفعَ لمعنًى، ذلك المعنى مفقودٌ عندَ ورودِ معنى المجازاةِ فينتصبُ ضرورةً.

أما بيانُ المقدمةِ الأولى: فلأنٌ زيدًا مفعولٌ من حيثُ المعنى، والمفعولُ منصوبٌ وأمَّا بيانُ المقدّمةِ الثانيةِ: فلأنَّ زيدًا إنما وَقَعَ لتحقيقِ


(١) في (ب).
(٢) سورة فصلت: آية: ٤٢.
(٣) شرح الأندلسي: ١/ ١١٢ نقل النّص ولم يعقب عليه بشيء.
(٤) في (ب) فهذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>