للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرح

عرف كثير من الأشعرية كلمة (إله) بأنه القادر على الاختراع، فمن ذلك ما نسبه البغدادي إلى أبي الحسن الأشعري فقال: "واختلف أصحابنا في معنى الإله: فمنهم من قال إنه مشتق من الألهية، وهي: قدرته على اختراع الأعيان، وهو اختيار أبي الحسن الأشعري" (١)، ثم اختار البغدادي القول بأنه غير مشتق!

وقد حكى الرازي هذا القول ذاكراً دليله دون أن يسمي قائله، فقال في صدد حكاية مذاهب الناس في أصل اشتقاق اسم الله تعالى (الله) قال: "القول السابع: الإله من له الإلهية، وهي القدرة على الاختراع، والدليل عليه أن فرعون لما قال}: وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء الآية: ٢٣ [قال موسى في الجواب}: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الشعراء الآية: ٢٤ [فذكر في الجواب عن السؤال الطالب لماهية الإله: القدرة على الاختراع، ولولا أن حقيقة الإلهية هي القدرة على الاختراع لم يكن هذا الجواب مطابقاً لذلك السؤال" (٢).

والجواب من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: إن فرعون كان متظاهراً بإنكار وجود رب العالمين بل كان يدعي أنه رب العالمين بقوله}: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات الآية: ٢ [وقال تعالى}: فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} [الزخرف الآية: ٥٤ [وقال: {فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر الآية: ٣٧]، ولذلك كان سؤاله بقوله}: وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ {سؤالاً عن وصف الرب تعالى وليس سؤالاً عن الماهية، إذ السؤال عن ماهية الشيء فرع الإقرار به، -وهو


(١) ((أصول الدين للبغدادي)) (ص: ١٢٣).
(٢) ((شرح أسماء الله الحسنى للرازي)) (ص ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>