للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يقر بالله متظاهراً-فمن لم يقر بشيء لا يسأل عن ماهيته (١)، فمن سأل عن ماهية الإنسان فقال: ما الإنسان؟ فإن ذلك فرع إقراره بوجوه، وكذلك هنا (٢).

ولذلك فإن فرعون لم يكن قد سأل عن حقيقة الإلهية إنما سأل عن وصف الرب الذي يتظاهر بإنكاره. ويوضح هذا آية أخرى وهي}: قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى} [طه الآية: ٤٩]، ومعلوم أن "مَنْ" لا يسأل بها عن ماهية الشيء وحقيقته، وإنما حقيقة معنى الإلهية هي: استحقاق الله للعبادة بما له من صفات الكمال وتنزهه عن صفات النقص، وقد دلت الأدلة على ذلك.

الوجه الثاني: إنه لو كان معنى إله: القادر على الاختراع كان معنى لا إله إلا الله أي: لا خالق إلا الله ولا قادر على الاختراع إلا هو، وهذا المعنى كان يقول به المشركون، ولذلك يحتج الله عليهم بمعرفتهم هذه بقوله: {فَلَا تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة الآية: ٢٢ [أي تعلمون أنه لا رب لكم غيره، كما نقل ذلك عن جمع من المفسرين (٣).

فلو كان المعنى ما ذكره هؤلاء المتكلمون، لما استقام الإنكار على المشركين الذين يقرون بأن الله هو خالقهم وخالق كل شيء. وإنما كان شركهم في الألوهية (٤).

الوجه الثالث: إن هذا القول غير معروف عند أهل اللغة، ولذلك لم يحتج من قال بهذا القول بشاهد من شواهد لغة العرب ولا بنقل إمام معتبر من أئمة اللغة (٥). (٦)


(١) انظر ((تفسير ابن كثير)) (٣/ ٣٣٢).
(٢) ((مجموع الفتاوى لابن تيمية)) (١٦/ ٣٣٤).
(٣) ((جامع البيان للطبري)) (١/ ١/ ١٦٣).
(٤) انظر ((تيسير العزيز الحميد)) (ص: ٧٦).
(٥) انظر ((تيسير العزيز الحميد)) (ص: ٧٦).
(٦) المصدر: منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى لخالد عبداللطيف ١/ ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>