للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يساري: هذه الآية دليل على رؤية الله في الآخرة: فإن العرب لا تقول لقيت فلاناً إلاّ إذا رأته، فصرف وجهه أبو الوفاء مسرعاً إلينا، وقال يتنصر لمذهب الاعتزال في أن الله تعالى لا يرى في الآخرة: فقد قال الله تعالى " فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه " وعندك أن المنافقين لا يرون الله تعالى في الآخرة، وقد شرحنا وجه الآية في المشكلين، وتقدير الآية: فأعقبهم هو نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه، فيحتمل ضمير يلقونه أن يعود إلى ضمير الفاعل في أعقبهم المقدر بقولنا هو، ويحتمل أن يعود إلى النفاق مجازاً على تقدير الجزاء، انتهى.

ومنها ما نقله عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما لا يقل أحدكم انصرفنا من الصلاة فإن قوماً قيل فيهم " ثمّ انصرفوا صرف الله قلوبهم " وقد أخبرنا محمد بن عبد الملك القيسي الواعظ، أخبرنا أبو الفضل الجوهري سماعاً منه: كنّا في جنازة فقال المنذر بها: انصرفوا رحمكم الله تعالى، فقال: لا يقل أحدكم انصرفوا فإن الله تعالى قال في قوم ذمهم " ثمّ انصرفوا صرف الله قلوبهم " ولكن قولوا: انقلبوا رحمكم الله، فإن الله تعالى قال في قوم مدحهم " فانقلبوا بنعمةٍ من الله وفضلٍ لم يمسسهم سوء " انتهى.

ومنها، وقد ذكر الخلاف في شاهد يوسف، ما صورته: فإذا قلنا إنّه القميص، فكان يصح من جهة اللغة أن يخبر عن حاله بتقدم مقاله، فإن لسان الحال أبلغ من لسان المقال في بعض الأمور، وقد تضيف العرب الكلام إلى الجمادات بما تخبر عنه بما عليها من الصفات، ومن أحلاه قول بعضهم: قال الحائط للوتد: لم تشقّني قال: سل من يدقّني، ما يتركني ورائي (١) ، هذا الذي ورائي، لكن قوله تعالى بعد ذلك " من أهلها " في


(١) ورائي: بمعنى ورأيي.

<<  <  ج: ص:  >  >>