للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كان لمن ان متمكّناً منه معاناً عليه بكثرة الدّعاة إلى الله تعالى، وذلك قوله: " لأنّكم تجدون على الخير أعواناً وهم لا يجدون عليه أعواناً " حتى ينقطع ذلك انقطاعاً باتّاً لضعف اليقين وقلّة الدين، كما قال، صلّى الله عليه وسلّم: " لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله " (١) يروى برفع الهاء ونصبها، فالرفع على معنى لا يبقى موحد يذكر الله، عزّ وجلّ، وحينئذ يتمنّى العاقل الموت، كما قال صلّى الله عليه وسلّم: " لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني كنت مكانه " (٢) انتهى.

وأنشد رحمه الله تعالى لبعض الصوفية:

امتحن الله بذا خلقه ... فالنار والجنّة في قبضته

فهجره أعظم من ناره ... ووصله أطيب من جنّته ومن فوائد ابن العربي رحمه الله تعالى أنّه قال: كنت بمجلس الوزير العادل أبي منصور ابن جهير على ربة بيّنّاها في كتاب الرحلة للترغيب في الملّة فقرأ القارئ " تحيّتهم يوم يلقونه سلام " وكنت في الصف الثاني من الحلقة بظهر أبي الوفاء علي بن عقيل (٣) إمام الحنبلية بمدينة السلام، وكان معتزلي الأصول، فلمّا سمعت الآية قلت لصاحب لي كان يجلس على


(١) مجمع الزوائد ٨: ١٢.
(٢) صحيح مسلم ٢: ٣٧٨ ومجمع الزوائد ٧: ٢٨٢.
(٣) علي بن عقيل بن أحمد البغدادي الأصولي الواعظ المتكلم (٤٣١ - ٥١٣) درس على أعلام عصره، وأخذ الكلام على بعض المعتزلة ولذلك نقم عليه الحنابلة وطلبوا أذاه فاختفى والتجأ إلى دار السلطان، وسمع من الغزالي والجوني وغيرهما من الأعلام؛ قال السلفي: ما رأت عيناي مثل الشيخ أبي الوفاء ابن عقيل، ما كان أحد يقدر أن يتكلم معه لغزارة علمه وحسن إيراده وبلاغة كلامه وقوة حجته؛ ولع في الفقه والأصول استباطات جيدة، وخلف عددا كبيرا من المؤلفات (انظر ذيل ابن رجب ١: ١٤٢ - ١٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>