للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحابنا يجيزون حذف خبر إنّ مع المعرفة, ويحكون عنهم أنهم إذ قيل لهم: إن الناس ألب عليكم فمن لكم. قالوا: إن زيدًا وإن عمرًا, أي: إن لنا زيدًا وإن لنا عمرًا. والكوفيون يأبون حذف خبرها إلا مع النكرة. فأما احتجاج أبي العباس عليهم بقوله ١:

خلا أن حيًّا من قريش تفضلوا ... على الناس أو أن الأكارم نهشلا

أي: أو أنَّ الأكارم نهشلا تفضلوا٢, قال٣ أبو علي: وهذا لا يلزمهم؛ لأن لهم أن يقولوا: إنما منعنا حذف خبر المعرفة مع إن المكسورة, فأما مع أنّ المفتوحة فلن نمنعه, قال: ووجه فصلهم فيه بين المكسورة والمفتوحة أنَّ المكسورة حذف خبرها كما حذف خبر نقيضها, وهو قولهم: لا بأسَ ولا شكّ, أي: عليك, وفيه. فكما أنّ "لا" تختص هنا بالنكرات فكذلك إنما "تشبهها نقيضتها"٤ في حذف الخبر مع النكرة أيضًا.

وقد حذف أحد مفعولي ظننت, وذلك نحو قولهم: أزيدًا ظننته منطلقًا؛ ألا ترى أن تقديره: أظننت زيدًا منطلقًا ظننته منطلقًا؟ فلمَّا٥ أضمرت الفعل فسَّرته بقولك: ظننته, وحذفت٦ المفعول الثاني من الفعل الأول المقدَّر اكتفاء بالمفعول الثاني الظاهر في الفعل الآخر. وكذلك بقية أخوات ظننت.


١ في الخزانة أن ابن الشجري في الأمالي, وابن يعيش في شرح المفصل نسباه إلى الأخطل. ويقول البغدادي: "وله في ديوانه قصيدة على هذا الوزن والروي ولم أجده فيها، وانظر الخزانة ٤/ ٣٨٥.
٢ كذا في ز. وفي ش: "فضلوا".
٣ في الخزانة في الموطن السابق. "فقد قال".
٤ في ط: "يشبهها نقيضها".
٥ كذا في د، هـ، ز. وفي ش: "فكما".
٦ على هذا جرى ابن هشام في المغني في آخر مبحث الجملة المفسرة, وعبارة: "كما استغنى في نحو: أزيدًا ظننته قائمًا, بثاني مفعولي ظننت المذكورة عن ثاني مفعولي ظننت المقدورة، وعلق الدماميني على قول ابن هشام: "بأن مفعولي ظننت المذكورة، بقوله: "يقال: هو مفعول الأولى المحذوفة؛ لأنها مقصودة بالذات، والثانية ذكرت لضرورة التفسير، وعلى رأي الدماميني يجري المتأخرون من المعربين.

<<  <  ج: ص:  >  >>