للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صاحبه، بخلاف القصاص الواحد المشترك١.

وأما إذا عفا الولي عن القاتل بعد الجرح وقبل الموت، فالقياس ألا يصح عفوه؛ لأن العفو عن القتل يستدعي وجود القتل، والفعل لا يصير قتلا إلا بفوات الحياة عن المحل، ولم تفت الحياة عن المحل حتى الآن، فالعفو لم يصادف محله، وإذا لم يصادف العفو محله لا يصح.

وفي الاستحسان يصح عفوه، وللاستحسان وجهان؛ أحدهما: أن الجرح متى اتصلت به السراية تبين أنه وقع قتلا من حين وجوده، فكان عفوا عن حق ثابت، والعفو عن الحق الثابت يصح، فكذا هذا؛ ولهذا لو كان الجرح خطأ فكفر بعد الجرح قبل الموت، ثم مات، جاز التكفير، والثاني: أن القتل إن لم يوجد للحال فقد وجد سبب وجوده، وهو الجرح المفضي إلى فوات الحياة، والسبب المفضي إلى الشيء يقام مقام ذلك الشيء في أصول الشرع؛ كالنوم مع الحدث، والنكاح مع الوطء، وغير ذلك؛ لأنه إذا وجد سبب وجود القتل كان العفو تعجيل الحكم بعد وجود سببه، وأنه جائز كالتفكير بعد الجرح قبل الموت في قتل الخطأ.

عفو المجروح قبل موته:

وأما إن عفا المجني عليه عن الجاني بعد الجرح وقبل الموت ثم مات، فللفقهاء في حكم ذلك رأيان:

أحدهما: قال الحنفية والمالكية والحنابلة والأوزاعي وطاوس والحسن وقتادة وهو أحد قولي الشافعي٢: يسقط القصاص ولا شيء لأولياء


١ بدائع الصنائع ج٧، ص٢٤٨.
٢ المراجع: بداية المجتهد لابن رشد ج٢، ص٣٩٥، والمغني لابن قدامة ج٩، ص٤٧٢، والمحلى لابن حزم ج١٠، ص٤٨٦-٤٨٩.

<<  <   >  >>