للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد نجزت معاقد المذهب في الأمان. ولها مسائل ستأتي في فصل العلْج، على أثر هذا، إن شاء الله تعالى.

١١٣٦٤ - ومما أغفلناه، ونرسمه [فرعاً] (١): الأسير إذا أمّن كافراً، فهل يصح أمانه أم لا؟ فيه خلاف بين الأصحاب. والوجه أن نقول: إن كان مكرهاً على الأمان، فهو مردود، وإن كان مختاراً في إنشاء الأمان، فمن أصحابنا من قال: يصح ذلك منه؛ فإنه مسلم مكلف أنشأ الأمان اختياراً، ولم يجرّ ضرراً، فيصحّ.

ومن أصحابنا من قال: لا يصح، فإن شرط الأمان أن يكون المؤمِّن على أمان، ولا يتحقق الأمان في حق المأسور.

التفريع على الوجهين: إن قلنا: يصح أمانه، فلا كلام، وأمانه كأمان المطلَق، وإن قلنا: لا يصح أمانه في حق المسلمين، فهل يصير ملتزماً بحكم الأمان في حق نفسه، فعلى وجهين: أحدهما - لا يلزمه حكم الأمان، كما لم ينفذ في حق غيره؛ فإن الأمان لا ينفذ على الخصوص (٢). الثاني - أنه ينفذ أمانه عليه في حق نفسه؛ فإن سبب الرّد في حق الغير أنه مقهور مأسور، فلا ينفذ أمانه على المطلقين، ولا يبعد من مقتضى هذا أن يصح إلزامه في حق نفسه.

والذي يجب الإحاطة به في تمام ذلك أن المأسور لو أمن من أسره، فالوجه ألا يصح ذلك، وجهاً واحداً، وإنما التردّد الذي حكيناه فيه إذا أمّن من ليس هو أَسَره من آحاد الكفار. وأطلق بعض من لا يعتاد طلب الحقائق، وجهاً في تصحيح أمانه لآسره إذا أنشأه ولم يُكرَه عليه. وهذا لا أصل له. فانتظم منه أن الإكراه على الأمان يُبطله لا شك فيه، وإذا لم يكن إكراه، فأمن غيرَ الآسر، فعلى الخلاف، وإن أَمَّن من أسره، فالمذهب البطلان، وفيه الوجه الضعيف الذي حكيناه.


(١) في الأصل: " فرعان ".
(٢) على الخصوص: يعني من جانب واحد.