للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم في صغره في جفنة فيها ثريد، فمد يده إلى ما يلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله [يده] (١) وقبلها، وردّها إلى ما يليه، وقال: كل مما يليك " فلما رفعت الجفنة أحضرت تُميرات، فالتزم ابن عباس الأكل مما يليه، فلطف به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: " كل من حيث شئت، فإنها غير لون " (٢) وروي مطلقاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تأكل من ذروة الطعام؛ فإن البركة في أعلاها " (٣)، فلا حرج على الأعمى في مؤاكلة البصير، وفي لطف معنى الآية أمر البصير بألا يتبرّم بمؤاكلته.

ثم قال الشافعي: قال الله تعالى: {وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ} وهذا يحمل على سوء جلسة الأعرج في المؤاكلة، وقد يتأذى به من على جانبه، فرفع الله الحرج على المعنى الذي ذكرناه، حتى لا ينزجر من به العرج، ولا يتبرم السليم.

وقال عز من قائل: {وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [النور: ٦١]، وهذا على المعنى الأول، ثم قال تعالى: {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} [النور: ٦١]، وأظهرُ مقال في ذلك: رفعُ الحرج في أكل الإنسان وحده، وقد ورد في الأخبار: " شر الناس من أكل


(١) سقطت من الأصل.
(٢) حديث " أن ابن عباس كان يؤاكل رسول الله صلى الله عليه وسلم في صغره في جفنة فيها ثريد فمدّ يده إلى ما يلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ... إلخ " أصل هذا المعنى موجود من حديث ابن أم سلمة المشهور في الصحيحين " يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك ". ولكن بهذه السياقة التي ذكرها الإمام لم نجده عن ابن عباس، وإنما هو عن عِكراش بن ذؤيب والحديث رواه الترمذي وقال: حديث غريب، وابن ماجه، والطبراني في الكبير، وقد ضعفه الألباني. (ر. اللؤلؤ والمرجان: ح ١٣١٣، الترمذي: الأطعمة باب ما جاء في التسمية على الطعام، ح ١٨٤٨، ابن ماجه: الأطعمة باب الأكل مما يليك، ضعيف ابن ماجه للألباني، ح ٧٠٥، الطبراني الكبير: ١٨/ ٨٢).
(٣) حديث " لا تأكل من ذروة الطعام ... " رواه عن ابن عباس أبو داود، والترمذي وقال: حسن صحيح، والنسائي في الكبرى، وابن ماجه، وصححه الألباني (ر. أبو داود: الأطعمة، باب في الأكل من أعلى الصحفة، ح ٣٧٧٢، الترمذي: الأطعمة باب ما جاء في كراهة الأكل من وسط الطعام، ح ١٨٠٥، النسائي في الكبرى، ح ٦٧٢٩، ابن ماجه: الأطعمة باب النهي عن الأكل من ذروة الثريد، ح ٣٢٧٧).