للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال: "ولو قال للمدخول بها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالقٌ ... الفصل" (١).

٩٠٨٩ - إذا قال لغير المدخول بها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، وقعت عليها طلقة وبانت، ولم تلحقها الثانية، والثالثة؛ فإن اللفظة الأولى مستقلة بإفادة الطلاق، وليس ما بعدها تفسيراً لها؛ فإن استقلت، ثبت حكمها، وحصلت البينونة.

٩٠٩٠ - وإذا قال للمدخول بها أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، وأتى بهذه الكلمات على الوِلاء، وقعت الطلقة الأولى، ونظرنا في الثانية والثالثة، فإن زعم أنه نوى بهما الإيقاع، حُملتا على الإيقاع، وطُلقت ثلاثاًً، وإن نوى باللفظة الثانية والثالثة تأكيد اللفظة الأولى، قُبل ذلك منه، ولم [يقع] (٢) إلا واحدة.

فإن قيل: لم كان كذلك، وكل لفظةٍ مستقلّة بنفسها في إفادة الطلاق والإشعار بمعناه، فالثانية كالأولى، والثالثة كالثانية، والتمسك باللفظ أولى من التمسك بقصدٍ يزيل فائدةَ اللفظ؟ قلنا: التأكيد من القواعد التي لا سبيل إلى إنكارها وجحدها، وهو من مذاهب الكلام، ثم أصل التأكيد عند أهل العربية ثلاثة أقسام: الدرجة العليا من التأكيد لتكرير اللفظ، وكأن الذي يكرره يبغي بتكريره شيئين: أحدهما - التوثق بإيصال الكلام إلى فهم السامع عند تقدير ذهوله وغفلته. والثاني - الإشعار بأن هذا اللفظ لم يسبق إلى لسانه؛ فإنه إذا كرّره قطع هذا الوهم، فهذا أمّ باب التأكيد، وهو ممثل بقول القائل: رأيت زيداً زيداً، ومررت بزيدٍ زيدٍ.

والمرتبة الثانية في التأكيد - تلي التكرار والإعادة، وهو كقول القائل: رأيت زيداً نفسه.


(١) ر. المختصر: ٤/ ٨٠.
(٢) في الأصل: يقعد.