للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مستقر الأرواح في البرزخ

أرواح العباد في البرزخ متفاوتة في منازلها، وقد استقرأنا النصوص الواردة في ذلك فأفادتنا التقسيم التالي:

أولاً: أرواح الأنبياء، وهذه تكون في خير المنازل في أعلى عليين، في الرفيق الأعلى، وقد سمعت السيدة عائشة الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر لحظات حياته يقول: " اللهمَّ الرفيق الأعلى " (١) .

الثاني: أرواح الشهداء، وهؤلاء أحياء عند ربهم يرزقون، قال تعالى: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [آل عمران: ١٦] ، وقد سأل مسروق عبد الله بن مسعود عن هذه الآية، فقال: " إنا قد سألنا عن ذلك، فقال: " أرواحهم في أجواف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل " رواه مسلم في صحيحه (٢) . وهذه أرواح بعض الشهداء لا كل الشهداء، لأن منهم من تحبس روحه عن دخول الجنة لدين عليه، كما في المسند عن عبد الله بن جحش: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، مالي إن قتلت في سبيل الله؟ قال: " الجنة "، فلما ولّى، قال: " إلا الدين، سارني به جبري آنفاً " (٣) .


(١) صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب من أحب لقاء الله، فتح الباري: (١١/٣٥٧) .
(٢) مشكاة المصابيح: (٢/٣٥١) ، وللحديث تتمة.
(٣) قال الشيخ ناصر الدين الألباني في تعليقه على شرح الطحاوية: ص ٤٤٥ (صحيح) ، وقد سقنا من قبل أكثر من حديث في هذا المعنى.

<<  <   >  >>