للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرِّيح فهوَتْ به في بعض المهالك البعيدة، هذا إذا جعلْتَه من باب التَّشبيه المركَّب وتمثيلِ صورةِ حاله بصورةِ حالِ مَن هلك على إحدى الصُّورتَيْن (١).

وإنْ جعلْتَه مِنْ بابِ التَّشبيه المفرَّق (٢): شُبِّهَتِ الفطرةُ القابلة للتَّوحيد في علوِّ رتبتها بالسَّماء، والمشرك بالسَّاقط، والأهواءُ المُرْديَةُ الموزِّعةُ أفكارَه (٣) بالطَّير المختطفة، والشيطان الذي يطوحُ به في تيه الضَّلال بالرِّيح التي تهوي بما عصفت به في بعض المهاوي المتلفة (٤)، والشرك الذي فيه (٥) بالمكان السَّحيق.

و ﴿أَوْ﴾ للتخيير كما في قوله تعالى: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ﴾ [البقرة: ١٩] أو للتَّنويع، فإنَّ مِن المشركين مَن لا خلاص له أصلاً، ومنهم مَن يمكن خلاصُه بالتَّوبة لكن على بُعْدٍ (٦).

* * *

(٣٢) - ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾.

﴿ذَلِكَ﴾؛ أي: الأمر ذلك.


(١) في هامش (س): "لا تشبيه هلاكه بهلاك أحد الهالكين كما توهمه القاضي، إذ حينئذ لا يكون من تشبيه المركب بالمركب بل من تشبيه المقيد بالمقيد، والفرق واضح عند أهل البيان".
(٢) في (ف) و (ك) و (م): "المفرد".
(٣) أي: أفكار المشرك. انظر: "تفسير أبي السعود" (٦/ ١٠٥)، و"روح المعاني" (١٧/ ٣١٢).
(٤) في (م): "المختلفة"، وفي (س): "المتعلقة".
(٥) "فيه": ليست في (م).
(٦) في هامش (م) و (س): "من قال: شبهت بالتوحيد، فكأنه غافل عن أن المشرك بمعزل عن مقام التوحيد، فأنَّى السقوط! ".