للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ صدَّره بالفاء السَّببيَّة لأنَّه لَمَّا حثَّ على تعظيم حرمات اللّه تعالى لزم وجوب المحافظة على حدوده وأعظمُها التَّوحيد، فدخل وجوب الاجتناب من عبادة الأوثان فيه دخولاً أوَّليًّا، وتسبَّبَ منه.

و ﴿مِنَ﴾ للبيان؛ أي: الرِّجسَ الذي هو الأوثان، وهو غاية المبالغة في النَّهي عن تعظيمها، حيث سمَّاها ﴿الرِّجْسَ﴾، وعرفه بلام الجنس، وأمر بالاجتناب عن عينه، وبيَّنه بـ ﴿الْأَوْثَانِ﴾، كأنَّ جنس الرِّجس ما هو الأوثان، كلُّ ذلك تنفيراً عن عبادتها خصوصاً جَعْلُها الرِّجس الذي ينفر الإنسان عنه بطبعه.

﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ قرنه بالشِّركِ في وجوب الاجتناب عنه، ولم يعطف، بل كرَّر (اجتنبوا) تنبيهاً على أصالة تحريمه، وتعميماً لِمَا ذُكِرَ؛ فإنَّ الشِّركَ يلزمه قول الزُّور؛ إذ المشرك يدَّعي ألوهيَّةَ الوثن، ويدخل فيه تحريم البَحائر وغيره من مفترياتهم (١)، فيكون كالعلَّة لتحريم الشِّرك بتحريمِ لازِمه الأعم.

وقيل: المراد بـ ﴿قَوْلَ الزُّورِ﴾: شهادةُ الزُّور؛ لِمَا روي أنَّه قال: "عَدَلَتْ شهادةُ الزُّور الإشراكَ بالله" ثلاثاً، وتلا هذه الآية (٢).

والأظهرُ العمومُ ليتناول الشَّهادةَ وسائرَ الأكاذيب.


(١) في (ك) و (م): "مقترحاتهم".
(٢) رواه أبو داود (٣٥٩٩)، والترمذي (٢٣٠٠)، وابن ماجه (٢٣٧٢)، من حديث خريم بن فاتك . قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٤/ ٣٤٩): إسناده مجهول.