للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والتَّهجُّد: التَّيقُّظ من النَّوم، لا تركُ النَّوم (١) مطلقًا.

قال الحجَّاج بنُ عمرٍو صاحبُ النَّبيِّ : أيحسب أحدكم إذا قام في اللَّيل كلِّه أنَّه قد تهجَّد؟! إنَّ التهجُّدَ الصلاةُ بعد رقدة، ثمَّ الصَّلاة بعد رقدة، ثم الصَّلاة بعد رقدة، كذلك كانت صلاة رسول اللّه (٢).

وهو من الهجود، يقال: تهجَّد: إذا ألقى الهجود - وهو النَّوم - عن نفسه، وهذا الفعل جارٍ مجرى تَحوَّبَ وتَحرَّجَ وتأثَّمَ وتحنَّثَ: إذا ألقى ذلك عن نفسِه.

﴿نَافِلَةً لَكَ﴾: زائدةً على (٣) تلك الفرائض المذكورة في الآية السَّابقة، والزَّائد حقُّه أن يكون من جنس المزيد عليه، فالتَّهجدُ من الفرائض، وإنَّما قال ﴿لَكَ﴾: لأنَّه ليس بفرض في حقِّ أمَّته، وقد روي عنه : "ثلاثة عليَّ فريضة ولأمَّتي تطوُّع: قيام اللَّيل، والوتر، والسِّواك" (٤).

ومَن زعمَ أنَّه تطوُّع في حقِّه أيضًا فسَّر النَّافلةَ بالزِّيادةِ؛ أي: زيادةً لك في الدَّرجات، وذلك لأنَّه مغفورٌ له، فهو إذا تطوَّع بما ليس بواجب عليه كان ذلك زيادةً في درجاته، وغيرُه من الأمَّة تطوُّعهم كفَّارات لذنوبهم، وتدارُكٌ لخللٍ يقعُ في الفرائض.


(١) "لا ترك النوم" من (م).
(٢) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (٣/ ٢٢٥) بإسناد فيه ابن لهيعة، وابن أبي خيثمة بإسناد فيه عبد الله ابن صالح كاتب الليث. وحسن إسناده ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٢/ ١٦) لاعتضاد الروايتين، وقال الآلوسي: أغرب الحجاج بن عمرو. انظر: "روح المعاني" (١٥/ ٥٤). قلت: والحجاج بن عمرو مختلف في صحبته، وقال أبو نعيم: شهد صفين مع علي. انظر: "الإصابة" (٢/ ٣٥).
(٣) في (م): "عن".
(٤) رواه الطبراني في "الأوسط" (٣٢٩٠)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٨/ ٢٦٤): فيه موسى بن عبد الرحمن الصنعاني وهو كذاب.