للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي ذكر الكيدودة وتقليلِ الميل مرَّة بعد أخرى مع إتْباعها الوعيدَ الشَّديد بالعذاب المضاعف في الدَّارين دليل بيِّن على أنَّ مَن كانت درجته أرفعَ وَنِعَمُ اللّه تعالى عليه أسبغَ كانَ وعدُ اللّه تعالى في حقِّه أبلغَ.

﴿ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾ يدفع عنك عذابَنا بالغلَبة علينا.

* * *

(٧٦) - ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا﴾.

﴿وَإِنْ كَادُوا﴾ الضَّمير لأهل مكَّة ﴿لَيَسْتَفِزُّونَكَ﴾ قد مرَّ معنى الاستفزاز.

﴿مِنَ الْأَرْضِ﴾؛ أي: من أرض مكَّة ﴿لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا﴾ متعلِّق بـ ﴿كَادُوا﴾.

﴿وَإِذًا﴾؛ أي: لو أخرجوك منها ﴿لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ﴾: بعدَكَ، وقرئ: ﴿خِلَافَكَ﴾ وهو لغة فيه (١)؛ أي: لم ﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾: قَدْرَ ما ينزل بهم العذابُ.

وما أخرجوه منها، بل خرجَ بنفسه امتثالًا لأمر الهجرة، نعم أزعجوه ، لكن التَّعليق على الإخراج لا على الإزعاج.

وقيل: الضَّمير ليهود المدينة، و ﴿الْأَرْضِ﴾ أرضُها، وذلك أنَّهم أرادوا المكرَ برسول الله ، [فقالوا له: إن هذه الأرض ليست بأرض الأنبياء، وإنما أرض الأنبياء بالشام] (٢) ولكنَّك تخاف الرُّوم، فإنْ كنْتَ نبيًّا فأخرج إليها، فإنَّ اللّه سيحميك كما


(١) قرأ ابن عامر وحفص والكسائي: ﴿خِلَافَكَ﴾، بكسر الخاء وفتح اللام وألف بعدها، والباقون بفتح الخاء وإسكان اللام. انظر: "التيسير" (ص: ١٤١).
(٢) ما بين معكوفتين من "المحرر الوجيز" (٣/ ٤٧٦).