﴿مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾: من نار الحرِّ الشَّديد النافذ في المسام، وهذا باعتبار الغالب، كقوله: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ﴾ [الروم: ٢٠]، ولا يمتنِع خلقُ الحياة في الأجرام البسيطة، كما لا يمتنِع خلقها في الجواهر المجرَّدة، فضلًا عن الأجساد المؤلفة التي الغالبُ فيها الجزء النَّاري، فإنها أقبلُ لها من الغالب فيها الجزءُ الأرضي.
ومساق الآية كما هو للدّلالة على كمال قدرة الله تعالى، وبيانِ بدء خلق الثَّقلَين، فهو للتَّنبيه على المقدِّمة الثَّانية التي يتوقف عليها إمكان الحشر، وهو قَبول الموادِّ للجمع والإحياء.
﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾؛ أي: أحييته، وهو تمثيل لتحصيل ما تحيى به جثَّته فيه، وما ثمَّةَ نفخٌ ولا منفوخ، لكن لَمَّا كان ظهور الرُّوح الإنساني المخصوص بالله تعالى فيه إنما هو بفيضان القوَّة الحيوانيَّة على البخار اللَّطيف المتولِّد في القلب الساري