انزعاجُ النَّفس لتوقُّع ما لا يُؤمَن مِنَ الضَّرر، وإدخال الهمزة إنكارٌ للخشية، وإيماءٌ إلى منافاتها للإيمان، على ما صرَّح به بعدَه بقوله: ﴿فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ لأنَّ الإيمان يستلزم تخصيصَ الخشيةِ باللهِ تعالى، وعدمَ المبالاة بغيره.
وفيه جمعٌ بينَ التَّقريع والتَّشجيع، وهو أبلغ في التَّحريك.
ولَمَّا بالغَ في التَّوبيخ على ترك القتال وبيَّن موجباته، جرَّدَ لهم الأمرَ به صريحًا، ووعَد لهم النَّصر والغلبة، وتعذيبَ الكفار بأيديهم؛ ليكون أوقعَ في نفوسهم، وأشدَّ تثبيتًا لقلوبهم، وتقويةً لعزائمهم، فقال:
﴿وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ النَّصرُ: المعونةُ بدفع الضَّرر، وتعديته بـ ﴿عَلَى﴾ لتضمُّنه معنى التَّغليب.
﴿وَيَشْفِ﴾ الشِّفاءُ: ملاءمةُ النَّفس بما يزيل عنها الأذى.
﴿صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ﴾ وهم خزاعة، وجه تخصيصهم: أنَّهم الذين نُقِضَ فيهم العهدُ، ونالتهم الحربُ، وكان فيهم مؤمنون كثير، وتخصيص المؤمنين منهم بالذِّكر لأنَّ المقصودَ أصالةً شفاءُ صدورِهم.